المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

151


المتشرّعة هو ما قد يقال: من أنّ سيرة العقلاء تفيدنا في مقام تعميم الحجّيّة لكلّ أنحاء ظهور الكلام، فإنّنا لو أردنا التمسّك بسيرة المتشرّعة لإثبات حجّيّة الظهور فمعرفة سيرة المتشرّعة إنّما هي بالحدس والقرائن، فيجب أن يقتصر في مثل هذا الدليل اللبّيّ على القدر المتيقّن. فإذا شكّ في أنّهم هل كانوا يعملون بمطلق مراتب الظهور، أو بأقوى المراتب وجب الاقتصار على القدر المتيقّن. وهذا بخلاف السيرة العقلائيّة التي يمكن تلمّسها وتلمّس مدى سعة وضيق دائرتها بصورة مباشرة باعتبار اطّلاعنا على نكتتها.

وقد نقل عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) أنّه أجاب ـ في الدورة التي لم أحضرها على جعل هذا وما يشبهه كحجّيّة ظهور الحال أو الفعل من موارد الاستفادة من سيرة العقلاء ما لا يمكن استفادته من سيرة المتشرّعة ـ بأنّ سيرة المتشرّعة على حجّيّة الظهور إنّما اكتشفناها عن طريق سيرة العقلاء؛ إذ لولا قيام السيرة العقلائيّة على حجّيّة الظهور لما كان عدم عمل المتشرّعة بالظهور أمراً مهمّاً يتناقل كثيراً ويصل إلينا حتماً، وإنّما كان الأمر كذلك لقيام السيرة العقلائيّة على حجّيّة الظهور ممّا جعل فرض عدم عمل المتشرّعة بالظهور له وقعه في التأريخ، فحصل لنا القطع بأنّه لو كان لبان ولوصل إلينا عبر التأريخ الواصل. وحينئذ نقول: لو كان المتشرّعة يعملون بالظواهر وفقاً لدائرة الحجّيّة العقلائيّة فهو المطلوب. أمّا لو كان عملهم ضمن دائرة أضيق ممّا تقتضيه طباع العقلاء فهذا يعني أنّهم في المقامات الخارجة عن تلك الدائرة الضيّقة كانوا قد تلقّوا من الشارع قاعدة اُخرى غير قاعدة العمل بالظهور، وهذا لو كان لوصل إلينا حتماً. وقال(رحمه الله)بحسب النقل: إنّ هذا لا يعني توقّف دليل على دليل كي يلغى الدليل المتوقّف، بل يعني توقّف اكتشاف سيرة المتشرّعة على ذات سيرة العقلاء بغضّ النظر عن إمضائها المكمّل لدليليّتها.

ومن فروض الافتراق بين السيرتين ما نقل بيانه عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في الدورة