المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

144

في الشرعيّات، فلو لم يرض الشارع بذلك لشكّل ذلك خطراً على أغراضه فعليه الردع. كما أنّه لا نحتاج أيضاً إلى التدقيق في خبرويّة المفتي بالأحكام الشرعيّة والمفتي بغير ذلك من سائر الفنون المتعارفة، كي يقال: إنّ هناك فرقاً بينهما، وهو: أنّ أهل سائر الفنون المتعارفة أخذوا علومهم من الحسّ أو ما يقرب إليه، ويقلّ فيها الخطأ، بخلاف فتوى المفتي في الشرعيّات. فإنّ تكوّن العادة والقريحة كما عرفت يوجب على أيّ حال مشي العقلاء ولو غفلة في الشرعيّات على هذا المنوال، وهذا يشكّل خطراً على أغراض المولى لابدّ له من الردع على تقدير عدم رضاه به.

 


الثاني: إنّ نفس جريان العمل جيلاً بعد جيل على ذلك يوجب الاعتياد على ذلك بغضّ النظر عن تمركز العنوان المذكور في التقريب الأوّل في الذهن.

وكان يرى(رحمه الله) أنّه على كلا التقريبين يشترط في حصول العادة بالشكل الذي يؤدّي إلى التوسعة والتعدّي إلى موارد الشرعيّات التي لم تكن نكتة ذاك الجري تقتضي التعدّي إليها: أن لا تكون نكتة العمل والأدب والحسن واضحاً وملتفتاً إليه عند العقلاء، وإنّما تكون هي المحرّكة لهم لا شعوريّاً والثابتة في أذهانهم من وراء الستار، وبشكل غير ملتفت إليه تفصيلاً، وعندئذ تحصل العادة والتوسعة والتجاوز إلى الموارد التي لا توجد فيها تلك النكتة.

ولا يقال: إنّ نكتة العمل بخبر الواحد ـ وهي عدم كون الغرض بمقدار من الأهمّيّة يحرّك أكثر من ذلك ـ تكون ملتفتاً إليها في كثير من الموارد، وهي الموارد التي يكون الغرض فيها تافهاً جدّاً.

فإنّه يقال: إنّ المقصود بعدم الالتفات إلى النكتة تفصيلاً هو عدم الالتفات إلى جامع النكتة وحدودها، لا عدم الالتفات حتّى إلى قدر متيقّن في دائرة تلك النكتة.