المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

143

نعم، يمكن أن يدّعى القطع بعدم الفرق بين هذا الظهور وباقي الظهورات. فإمّا أنّها حجّة جميعاً، أو أنّ شيئاً منها ليس بحجّة. فحجّيّة هذه الإطلاقات بالنسبة لباقي الظهورات تستلزم ما هو غير معقول: من حجّيّتها بالنسبة لنفسها، فتسقط عن الحجّيّة رأساً.

ثُمّ إنّ الطريق الذي ذكرناه في مقام إثبات الإمضاء، وهو: أنّه لولا الإمضاء للزم الردع دفعاً لتشكّل الخطر على أغراض المولى الناشئ من اعتياد الناس وحصول قريحة يمشون عليها، تترتّب عليه فائدة، وهي: أنّنا لا نحتاج في مقام إثبات الحجّيّة إلى استقرار العقلاء على الحجّيّة، بل يكفي استقرار بنائهم على العمل بالظهور في أغراضهم التكوينيّة ومصالحهم ومفاسدهم، فإنّ هذا أيضاً يوجب الاعتياد والتطبّع بذلك.

إذن لا نحتاج إلى التدقيق في تحقّق بناء العقلاء على حجّيّة الظهور أو نحو ذلك، كخبر الواحد، وفتوى أهل الخبرة، كي يستشكل بأنّ عملهم بذلك ليس من باب الحجّيّة عندهم، بل لاُمور مختلفة يوجد واحد منها في غالب الموارد من الاطمئنان، أو الاحتياط، أو الغفلة، أو تقديم الأهمّ عند التزاحم. فإنّه يكفينا ما هو ثابت بالحسّ والوجدان: من عمل العقلاء بذلك، ولا شغل لنا بأنّه من أيّ باب؟ فإنّه على أيّ حال يوجب العادة والتطبّع على العمل بالظهور(1) والمشي على ذلك


(1) كان يرى (رضوان الله عليه) أنّ تكوّن العادة والقريحة الموجبة للعمل بخبر الواحد ـ مثلاً ـ له تقريبان:

الأوّل: إنّه يتمركز في الذهن من كثرة جريان عمل العقلاء جيلاً بعد جيل على طبق خبر الواحد أنّ هذا فعل حسن وأدب عامّ، وأنّ مخالفة خبر الثقة عمل غير عقلائيّ، فلا ينبغي صدورها من العاقل، فيعملون بخبر الواحد في الشرعيّات.