المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

141

كلامه حجّة لعبده، فهذا كلام صحيح لا إشكال فيه(1).

وأمّا الجملة الثانية ـ وهي قولهم: إنّ الشارع قد أمضى هذه السيرة العقلائيّة ـ: فلإثبات هذا الإمضاء طريقان:

الأوّل: إثبات ذلك من باب قياس المساواة، أو الأولويّة باعتبار أنّ الشارع أحد العقلاء بل سيّدهم فلا محالة يسلك سلوك العقلاء.

وقد مضى إبطال هذا الوجه في بحث السيرة. ونقول في المقام: إنّ هذا الوجه لو تمّ في نفسه في محلّه لا يمكن تطبيقه على ما نحن فيه؛ لأنّ بناء الشارع على التقطيع في مقام البيان، والاعتماد دائماً على القرائن المنفصلة، والمخصّصات والمقيّدات المستقلّة، بينما بالنسبة لسائر العقلاء يكون التقطيع حالة استثنائيّة، ونحن لم نر عاقلاً غير الشارع كان بناؤه على التقطيع كي نرى أنّه هل جعل الظهور حجّة فيقاس الشارع به، أو لا؟

الثاني: أنّ بناءهم على الحجّيّة فيما بينهم وجريهم عليها، واعتمادهم دائماً على الظهور يوجب تكوّن عادة وقريحة في نفوسهم بحيث يمشون عليها في الشرعيّات أيضاً، فلو لم يكن ذلك ممضى عند الشارع لكان يردع عنه؛ لأنّ ذلك يشكّل خطراً على أغراض المولى ولو على مستوى مشي كثير من المتشرّعة لا تمامهم وفق هذه السيرة.

ولا يقال: إنّ الردع قد حصل بأدلّة البراءة.


(1) وهنا معنى آخر يمكن أن يقصد في المقام، وهو: أنّ العقلاء حينما يجعلون مولويّة عقلائيّة لأحد على أحد يجعلون مولويّته في دائرة ظواهر كلامه، ولا يعطونه مولويّة أوسع بحيث تقتضي احتياط العبد حتّى بلحاظ الاحتمالات المخالفة للظهور. وهذا المعنى أيضاً صحيح لا إشكال فيه.