المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

138


الثاني: دعوى سيرة المتشرّعة بمعناها العامّ، أي: السيرة الملتزم بها عامّة المتشرّعين، ولو فرض كونها نابعة عن كونهم عقلاء. وسيرة المتشرّعة بهذا المعنى حتّى إذا كانت حدوثاً وبقاءً نابعة من الطبع العقلائيّ فبقاؤها يكون في طول رضا الشارع؛ إذ لو لم يرض بها لهدمها، فلا مجال في المقام للإشكال باحتمال الردع بآيات النهي عن العمل بغير العلم، أو أدلّة البراءة مثلاً؛ إذ لو كفى هذا لهدم السيرة لانهدمت ولما كانت ثابتة في زمان الأئمّة(عليهم السلام) بينما المفروض خلافه، ولو لم يكف ذلك للهدم ولم يرض بها الأئمّة(عليهم السلام)لهدموها ببيانات اُخرى، فاستمرارها معلول لرضا الشارع، وكاشف إنّيّ عن رأي الشريعة.

وقد اتّضح بما ذكرناه: أنّ السيرة تارةً هي عقلائيّة، واُخرى متشرّعيّة بالمعنى الخاصّ، وهي التي التزموا بها بما هم متشرّعة، وثالثة متشرّعيّة بالمعنى العامّ، وهي التي التزم بها المتشرّعة إن كان التزامهم بها مأخوذاً من العقلاء.

والاستدلال بالسيرة العقلائيّة يتوقّف على مقدّمتين:

1 ـ إنّ الشارع لو لم يرض بها لردع عنها.

2 ـ إنّه لو ردع عنها لوصل الردع إلينا.

والاستدلال بسيرة المتشرّعة بالمعنى الخاصّ ليس بحاجة إلى شيء من هاتين المقدّمتين؛ لأنّها مأخوذة من الشارع.

والاستدلال بسيرة المتشرّعة بالمعنى العامّ يتوقّف على المقدّمة الاُولى؛ لأنّها مأخوذة من العقلاء لا من الشارع. ولا يتوقّف على المقدّمة الثانية؛ لأنّ نفس استقرارها يدلّ على عدم الردع؛ إذ لو ردع الشارع عن ذلك لانهدمت سيرة المتشرّعة، وكلا القسمين مشتركان في أنّه لو كان على خلاف السيرة إطلاق أو عموم أو ظهور كانت السيرة مقيّدة للإطلاق ومخصّصة للعموم وموجبة لتوجيه الظهور وتأويله، وليس الإطلاق أو العموم أو