المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

136

 

الحجّيّة التعبّديّة للظهور:

وأمّا المرحلة الثانية: وهي أنّه بعد فرض عدم الحجّيّة الذاتيّة للظهور هل يكون حجّة تعبّداً، أو لا؟ فلا ينبغي الإشكال في حجّيّة الظهور تعبّداً على تقدير عدم كونه حجّة ذاتاً، على خلاف في أنّ حقيقة التصرّف الشرعيّ الذي يمنح الحجّيّة التعبديّة للشيء هل هو عبارة عن جعل حكم حقيقة كما هو المشهور، أوعن الإخبار بشدّة الاهتمام بأغراضه بدرجة لا يرضى بفوتها من ناحية ترك العمل بالشيء الفلانيّ الذي جعله حجّة كما هو الحقّ. فعلى أيّ تقدير لا إشكال في أنّ الظهور إن لم يكن حجّة ذاتاً فقد جعله الشارع حجّة تعبّداً، والدليل على الحجّيّة التعبديّة للظهور تارةً هو سيرة المتشرّعة، واُخرى هو السيرة العقلائيّة:

 

الاستدلال بسيرة المتشرّعة:

أمّا سيرة المتشرّعة: فهي أتقن دليل في المقام وأحسنه، ونقول في تقريبه: إنّه لو لم يكن الظهور حجّة عند أصحاب الأئمّة(عليهم السلام) لكان للظهور بديل يعملون به، كالاحتياط، أو الأخذ دائماً بخلاف الظاهر، أو القرعة، أو غير ذلك، ولكان يصلنا هذا البديل ولو عن طريق الآحاد، فإنّه مهمّ في الغاية في تأريخ الفقه، وقد مضى تفصيل الكلام في هذا الاُسلوب من إثبات السيرة المعاصرة لزمان المعصوم في بحث السيرة.

وتمسّك المتشرّعة بظواهر كلمات الشارع هل هو سيرة لهم ناشئة في طول استفادة الحكم الشرعيّ كما يكون الأمر كذلك في غالب سير المتشرّعة، أو أنّه تطبيق للسيرة العقلائيّة مع الغفلة عن احتمال عدم الإمضاء؟ لا إشكال في أنّ عملهم ابتداءً كان تطبيقاً للسيرة العقلائيّة، ولكن من القريب جدّاً أن يكون عملهم في الزمان المتأخّر عن وعي والتفات وإثبات رضا الشارع بالاستيذان منه أو بعدم