المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

129

وهي تثبت بلازمها بطلان تلك الاُصول أو بعضها. فإن كان لازمها بطلان أصلمعيّن بالخصوص ـ كما لو علم إجمالاً بكذب هذه الأمارة أو ذاك الأصل بالخصوص ـ سقط ذاك الأصل عن الحجّيّة. وإن كان لازمها بطلان بعض تلك الاُصول بنحو الإجمال فهذا يوجب تعارض الاُصول في نفسها إن كانت نافية للتكليف، وإلّا فيؤخذ بالأمارات والاُصول معاً.

الأمر الثاني: إنّ هذا النزوع والاتّجاه نحو وجدان دليل وفق ما تقتضيه تلك الحالة النفسيّة لعلّه ـ والله العالم ـ من نتائج المنطق الارسطيّ القائل بأنّ الشيء لابدّ أن يكون ضروريّاً أو مكتسباً منتهياً إلى الضروريّ، فخلف هذا المنطق في الأذهان في مختلف العلوم ـ ومنها علم الفقه ـ تخيّل أنّ الإنسان غير الساذج لا ينبغي له تسليم أيّ دعوى لا تكون ضروريّة ولا منتهية إلى الضروريّات. ومن هنا يحاول الفقيه أن يجد دليلاً وفق مقصوده كي لا يكون مدّعياً لشيء بلا دليل. ولكن الواقع أنّ العلم ليس دائماً ناشئاً من البرهان، بل قد ينشأ عن علّة أثّرت في النفس تكويناً فأوجدت العلم بلا برهان. والعلم بنفسه أمر حادث قائم بممكن حادث تسيطر عليه قوانين العلّيّة والمعلوليّة، ومهما وجدت علّته يوجد العلم قهراً سواء علمت تلك العلّة أو لا، وليس حصول العلم بحاجة إلى التفتيش عن علّته كي نجدها فيوجد العلم، وليست نسبة العلم إلى علّته إلّا كنسبة الحرارة إلى علّتها، فكما أنّ الحرارة توجد بوجود علّتها سواء فتّشنا عن علّتها ووجدناها أو لا، كذلك الحال في العلم، فلا موجب لهذا النزوع والاتّجاه. نعم، لو اُريد إعطاء صفة الحجّيّة المنطقيّة للعلم يجب التفتيش عن علّته، وملاحظة مدى انطباقها على قوانين المنطق القديم(1). هذا تمام الكلام في بحث السيرة وما ألحقناه به.

 


(1) الظاهر أنّ هذا البيان صدر من اُستاذنا(رحمه الله) بعد استكشافه لمنطق حساب