المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

126

إن كان الدليل على إمضاء السيرة كون الشارع هو أحد العقلاء وسيّدهم ثبتت بذلك صحّة النكتة أيضاً.

وإن كان الدليل على الإمضاء ما مضى: من أنّ السيرة تؤدّي إلى نقض غرض المولى فكان على المعصوم الردع عنها، فتأثير السيرة إنّما كان بمقدار العمل الواقع وقتئذ، ولا يمكن إثبات إمضاء النكتة.

وهناك وجه آخر لإثبات إمضاء السيرة، وهو التمسّك بوجوب تعليم الأحكام والحقائق الإسلاميّة على الرسول والإمام. وهذا لا يفرّق فيه بين المقدار الذي كان السكوت عنه ناقضاً للغرض وغيره. فبهذا الوجه لو تمّ يتمّ إثبات إمضاء النكتة بسعتها؛ إذ لو لم تصحّ لكان على الإمام(عليه السلام)الردع عنها من باب وجوب إيصال الحقائق الإسلاميّة وأحكام الإسلام. وهذا الوجه صحيح في الجملة(1).

 

التحرّج عن الإفتاء وفق الصناعة

وأمّا البحث عن تلك الحالة النفسيّة: فقد ذكرنا في أوّل بحث السيرة: أنّ هناك حالة نفسيّة عند كثير من الفقهاء تمنعهم عن إعمال مرّ الصناعة في مقام استنباط الحكم الشرعيّ في كثير من الموارد. ولعلّ هذه الحالة النفسيّة هي السبب للتفتيش عن أساليب استدلاليّة تلائم تلك الحالة النفسيّة، كدعوى حجّيّة الشهرة والإجماع


(1) إن كان المدرك للدلالة على الإمضاء هو العقل بلحاظ نقض الغرض ووجوب التبليغ، فلا يبعد التفصيل بين ما لو كان اقتضاء النكتة لسعة دائرة العمل في المستقبل مترقّباً وقتئذ، أو لا. فعلى الأوّل كان السكوت دليلاً على الإمضاء، بخلافه على الثاني. وإن كان المدرك للدلالة على الإمضاء هو العرف ـ بأن يقال: إنّ السكوت من قِبَل معصوم شأنه بيان الحقائق الإسلاميّة وأحكام الإسلام يدلّ عرفاً على الإمضاء ـ فقد يقال: إنّ هذا يثبت إمضاء تمام النكتة.