المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

125

نعلم بذلك. ففي الفرض الأوّل تثبت صحّة تلك النكتة أيضاً بنفس البيان الذيتثبت به صحّة العمل، فنقول:

لولا أخذ تلك النكتة من الشارع لكان ارتكازها من باب الغفلة، وغفلة المجموع لا يمكن أن تفسّر بعلّة عامّة مشتركة، فهي مساوقة لاجتماع علل كثيرة للغفلة بلحاظ كثرة الأفراد الغافلين، وهذا ممّا يطمئنّ بحساب الاحتمالات، أو يقطع بخلافه، فيتعيّن تلقّيها من الشارع.

وفي الفرض الثاني لا يدلّ نفس العمل الخارجيّ على أكثر من الجواز بالمعنى الأعمّ المقابل للحرمة، فإن فرض أنّ ذلك الفعل الذي قامت عليه السيرة يمكن تفسير توافقهم عليه بنكتة طبيعيّة عامّة، لم تدلّ السيرة إلّا على الجواز بالمعنى الأعمّ، وإلّا دلّت على الاستحباب؛ لأنّ فرض توافقهم عليه من دون رجحان شرعيّ مساوق لفرض اجتماع علل كثيرة صدفة بلحاظ الأشخاص الكثيرين أوجب توافقهم على ذلك. وهذا يطمأنّ أو يقطع بعدمه. وهذا بخلاف فرض الرجحان الشرعيّ. أمّا الوجوب فلا يثبت.

وأمّا سيرة العقلاء: فلا شكّ في أنّه يستكشف من سكوت الإمام رضاه بالعمل بالمقدار الواقع في زمانه. أمّا إذا كانت هناك نكتة عامّة في أذهان العقلاء قامت على أساسها السيرة، وكان العمل الخارجيّ بالمقدار الثابت في ذاك الزمان من المحتمل صحّته بدون صحّة تلك النكتة، فهل يمكن إثبات إمضاء النكتة، وبالتالي تصحيح تطبيقاتها الجديدة التي لم تكن تتحقّق في زمن الشارع، أو لا؟ مثاله: أنّه قامت السيرة في زمان الشارع على تملّك المعدن بالحيازة، والمقدار الواقع من ذلك في ذلك الزمان هو الاستخراج المحدود وفق قدرات الآلات اليدويّة، ولكن هذه السيرة كانت مرتكزة على أساس اعتقاد عامّ وهو اعتقاد كون حيازة المعدن مملّكة مطلقاً، فهل يمكن إثبات إمضاء هذه النكتة، فتثبت بذلك ملكيّة الاستخراجات اللامحدودة في زماننا، أو لا؟