المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

124

ثمّ إنّ ما ذكرناه هو البيان الصحيح لإثبات حجّيّة السيرة العقلائيّة لا ما يستشمّ من كلام المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله): من استكشاف موافقة الشارع باعتباره رئيس العقلاء وسيّدهم، فهو أيضاً داخل ضمن هذه السيرة بمقتضى كونه عاقلاً.

فإنّ هذا يرد عليه:

أوّلاً: إنّ السيرة العقلائيّة كما مضى ليست دائماً مبتنية على نكتة مدركة بالقريحة العامّة لهم، بل قد تكون مبتنية ـ مثلاً ـ على غرض شخصيّ تطابقوا فيه صدفة، وعندئذ من المحتمل أن لا تكون حالة الشارع مطابقة في ذلك لحالتهم.

وثانياً: إنّه حتّى لو كانت سيرتهم قائمة على نكتة ثابتة عندهم بقريحتهم العامّة فليس من الواجب أن تكون تلك النكتة عقليّة بحتة دائماً، بل قد تكون راجعة إلى باب الانفعالات والعواطف ونحو ذلك من الاُمور الخارجة عن دائرة العقل المؤثّرة في سلوك العقلاء، وعندئذ كيف يكون مجرّد كون الشارع سيّد العقلاء وأعقلهم دليلاً على موافقته لهم في ذلك؟!

وثالثاً: سلّمنا أنّ النكتة دائماً هي عقليّة ولا ترجع إلى باب الإحساسات والعواطف ولكن من المحتمل خطأ العقلاء فيما أدركوه. فإنّ كون الشارع أعقل العقلاء يكون منشأ لاحتمال عدم الإمضاء لسيرتهم؛ لأنّ الأعقل كثيراً مّا يكتشف خطأ العاقل ويلتفت إلى ما يمنعه من قبول ما قبله العقلاء الاعتياديّون، فمن المحتمل أنّ ما به امتياز عقل الشارع عن عقل غيره أوجب امتيازه عنهم في السلوك.

بقي الكلام في كيفيّة استنتاج النتيجة ممّا مضى شرحه من المرحلتين، فنقول:

أمّا سيرة المتشرّعة: فإن قامت على عدم الالتزام بشيء مّا دلّت على عدم وجوبه، وإن قامت على الالتزام به: فتارةً نعلم أنّ هذه السيرة تكون على أساس نكتة مرتكزة في أذهان المتشرّعة من وجوب أو استحباب أو إباحة، واُخرى لا