المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

123

تلك البيانات ولو بنحو الموجبة الجزئيّة دليل على عدم صدورها رأساً.

وأمّا الأمر الثالث ـ وهو عدم الوصول ـ: فليس المقصود بذلك نفي خصوص الوصول الحجّة، بل نفي مطلق الوصول ولو بطريق ضعيف، فلو وصل الردع ضمن روايات ضعيفة كفى في سقوط السيرة عن الحجّيّة، فإنّ حساب الاحتمالات إنّما دلّ على أنّه يصلنا عادة من كلّ عشرين حديثاً حديثان ـ مثلاً ـ خصوصاً عند توفّر دواعي الضبط. أمّا أنّ ما يصلنا سيكون رواته ثابتي الوثاقة لدينا فهذا ممّا لا يدلّ عليه حساب الاحتمالات، فقد يكون ما وصلنا ضعيفاً من حيث السند صدفة، فيجب الرجوع عندئذ إلى دليل ثالث غير الحديث الواصل وغير السيرة.

وقد ظهر ممّا ذكرنا: أنّ حجّيّة السيرة العقلائيّة مشروطة: أوّلاً بأن تكون السيرة جارية في الموارد الشرعيّة كي تشكّل خطراً على أغراض المولى. وثانياً بعدم وصول الردع ولو بروايات ضعيفة السند.

كما ظهر ممّا ذكرناه: أنّ العبرة إنّما هي بالسيرة المعاصرة لزمان الشارع. أمّا في سيرة المتشرّعة فالأمر واضح؛ لأنّنا استكشفنا الحكم الشرعيّ منها من باب استكشاف العلّة من المعلول. ببيان: أنّ هذه السيرة إمّا نشأت من الغفلة، أو من السماع، والأوّل باطل بحساب الاحتمالات، فيتعيّن الثاني.

وأمّا السيرة المتأخّرة عنهم(عليهم السلام) فلا يمكن بشأن أصحابها السماع من الإمام(عليه السلام)، فهي إمّا أن تكون ناشئة من التسامح، أو من السماع من الفقهاء، أو غير ذلك، دون السماع من المعصوم كما هو واضح.

وأمّا في السيرة العقلائيّة فوجود سيرة في زمن متأخّر عن زمان الإمام لا يدلّ على موافقة الإمام لها بافتراض أنّه لو لم يرض بها لأصدر بيانات تصلح للردع عنها في الزمان المتأخّر؛ وذلك لأنّهم(عليهم السلام)إنّما يتحفّظون على الأحكام بالطريق الاعتياديّ لا بإعمال الغيب.