المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

121

في نظرهم الموافقة؛ إذ المفروض صحّة النكتة في نظرهم. وهذا الوجه يتمّ في السيرة الفقهيّة المبنيّة على الإيمان منهم ولو ارتكازاً بنكتة عامّة موجودة في قريحة تمام العقلاء، كما في مسألة التملّك بالحيازة.

وأمّا في السيرة الاُصوليّة: فإن آمنّا بمبنى المشهور من كون روح الحجّيّة عبارة عن نفس جعل ما من قبل المولى لمصلحة في الجعل، فأيضاً يمكن إجراء هذا الوجه فيها بدعوى أنّ العقلاء يدركون بقريحتهم العامّة مصلحة إعاشيّة اجتماعيّة في نفس هذا الجعل مثلاً، ويعتقدون بصحّة هذه النكتة وبموافقة الشارع عليها لأنّه لا يخطأ.

أمّا بناءً على ما هو المختار: من أنّ روح الحكم الظاهريّ عبارة عن تعيين درجة الاهتمام بالأغراض، فقد مضى أنّ السيرة على هذا لا تكون مرتكزة على أساس نكتة مدركة بالقريحة العامّة للعقلاء فحسب، بل تكون مرتكزة على أساس نكتتين: إحداهما مدركة بالقريحة العامّة للعقلاء، وهي مطابقة الخبر للواقع ثمانين بالمئة مثلاً، والاُخرى نكتة لا تكون كذلك بل تكون شخصيّة قد تختلف من شخص لآخر، فلا توجد في شخص مّا وإن كان الغالب وجودها في الأشخاص، وهي درجة اهتمام الشخص بأغراضه، فإنّ هذا إنّما يكون بملاك خاصّ لكلّ واحد واحد، فمن المحتمل مخالفة الشارع للآخرين في درجة الاهتمام بأغراضه. فهذا المقدار لا يكفي في المقام للحصول على النتيجة.

نعم، قد يضمّ إلى ذلك شيء آخر فيأتي هذا الوجه في المقام عند انضمامه إليه، وذلك عبارة عن دعوى جزم العقلاء بموافقة الشارع من باب حمل الشيء على الأعمّ الأغلب، فإنّ هذا قد يوجب القطع، فقد يقيس العقلاء الشارع على غالب العقلاء ويجزمون بموافقته.

هذا. وقد عرفت ممّا ذكرناه: أنّ ثمرة تشقيق السيرة العقلائيّة إلى الأقسام التي ذكرناها في أوّل البحث تظهر في مقام إثبات الشرطيّة الاُولى.