المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

116

ووجه الإشكال في كلّ ما كان من قبيل هذه الدعاوى هو: أ نّا وإن كنّا ندرك مثل هذا الحكم ونحسّ به بشكل واضح، وهو: أنّ الإنسان الذي يخالف ظهور كلام المولى ولا يعمل به يستحقّ العقاب، والذي يعمل بظاهر كلام المولى يكون قد أدّى إليه حقّه، ولكن لا سبيل لنا إلى إثبات أنّ هذا مدرك للعقل العمليّ في المقام المجرّد عن الشوائب والخصوصيّات، فإنّنا نحتمل أنّ ما يشعرنا بقبح مخالفة ظاهر كلام المولى هو قوّة العقل العمليّ منضمّة إلى ارتكاز حجّيّة الظهور في أذهان العقلاء ارتكازاً عميقاً طويلاً في تأريخ البشريّة وقيام سيرتهم على ذلك.

نعم، هذه الدعوى ـ أعني: دعوى رجوع ذلك إلى حكم العقل العمليّ ـ تؤيّد وتؤكّد حجّيّة الظهور. وإن شئت فقل: إنّ هذا الحكم إمّا عقليّ صرف، أو لا: فإن كان الأوّل فقد ثبتت حجّيّة الظهور، وإلّا فهو من نتائج ارتكاز جعل الحجّيّة في أذهان العقلاء الذي أصبح بدرجة من الوضوح بحيث يتخيّل كونه عقليّاً صرفاً.

 

إثبات موافقة الشارع للسيرة:

وأمّا المرحلة الثانية: فهي عبارة عن إثبات موافقة الشارع للسيرة بعد فرض ثبوتها في زمانه، والكلام في ذلك تارةً يقع بلحاظ سيرة المتشرّعة، واُخرى بلحاظ سيرة العقلاء:

أمّا سيرة المتشرّعة: فمفروض الكلام إنّما هو سيرة أصحاب الأئمّة الذين كانوا متمكّنين من أخذ الحكم من الإمام(عليه السلام) بطريق الحسّ أو ما يقرب من الحسّ، وكان دأبهم على هذا الطريق بحيث يكون افتراض اتّفاقهم عملاً على شيء خطأ مساوقاً للغفلة، والخطأ في الحسّ، أو ما يقرب منه، بأن يكون غفلة عن الفحص عن الحكم الشرعيّ ولو من باب الذهول عن احتمال كون ما يفعله خلاف الشرع، أو غفلة عن فهم ظاهر كلام الإمام ونحو ذلك. أمّا الذين يعتمدون الاجتهاد والاستنباط عادة في فهم