المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

114

الفرض ـ أنّ دائرة حقّ المولويّة لا تكون واسعة بحيث تشمل لزوم إطاعة المولى فيما قامت الأمارة على نفيه، فإن تمّ ذلك ثبت جواز الاعتماد على الأمارة بلاحاجة إلى إثبات السيرة في زمن المعصوم، كما هو الحال في حجّيّة القطع مع فارق واحد، وهو: أنّ حكم العقل بحجّيّة القطع تنجيزيّ، وحكمه بحجّيّة الأمارات وإن كان ذاتيّاً بمعنى عدم الحاجة إلى جعل المولى لكنّه معلّق على عدم وصول ردع الشارع عنها إلينا، فلو وصلنا من المولى المنع عن العمل بالظهور أو تجويز مخالفة الظهور سقطت حجّيّته. ولا نحتاج أيضاً في إثبات الحجّيّة بناءً على هذا الفرض إلى المرحلة الثانية وهي إثبات إمضاء الشارع؛ وذلك لكفاية عدم وصول الردع إلينا في حكم العقل بالحجّيّة.

ولا بأس بأن نشير قبل الدخول في بحث المرحلة الثانية إلى مدى إمكان الاعتماد في حجّيّة الأمارات على هذه الدعوى، أعني: دعوى إرجاع السيرة في باب الأمارات إلى حكم العقل العمليّ، فنقول:

إن تمّت هذه الدعوى وخلت عمّا سيأتي ـ إن شاء الله ـ من شائبة الإشكال يبقى الكلام في كفايتها لإثبات المقصود؛ وذلك لأنّنا لو سلّمنا أنّ العقل العمليّ أدرك أنّ من حقّ المولى على العبد أن يعمل بمقاصده التي تظهر للعبد من ظاهر كلام المولى، أو من خبر الثقة ـ مثلاً ـ ما لم يردع المولى عن ذلك، فهذا الحكم من قِبَل العقل لا يصلح أن يكون حاكماً على أدلّة الاُصول أو مخصّصاً لها؛ إذ ليس حكماً مجعولاً من قِبَل الشارع كما لو جعل المولى خبر الواحد أو الظهور حجّة، كي يقال: إنّه حاكم أو مخصّص لمثل (رفع ما لا يعملون) أو «كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام»، وإنّما هذا حكم من قِبَل العقل المدرك لحجّيّة الظهور أو خبر الواحد. وإطلاق مثل حديث الرفع بنفسه ظهور مشمول لهذا الحكم، وهو يدلّ على عدم اعتناء المولى بأغراضه المشكوكة المدلول عليها بالظهور أو خبر الواحد، أي: