المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

108

الطريق الرابع: مختصّ بالسيرة العقلائيّة، وهو إثبات السيرة المعاصرة لزمان الشارع بالاستقراء الناقص، بأن تستقرء مجتمعات كثيرة في أمكنة مختلفة وأزمنة متغايرة، فيرى ثبوت هذه السيرة لجميعهم، فيستكشف من ذلك ثبوتها في زمن الشارع على حدّ الاستكشاف الثابت في تمام موارد التجربة، فكما نحكم بمحرقيّة النار مع أنّ تجاربنا لم تكن إلّا على أفراد محدودة من النار، وكما نستقرء كمّيّة كبيرة من أفراد الدجاج ـ مثلاً ـ ونرى فيها حالة خاصّة ونحكم بأنّ كلّ فرد من أفراد الدجاج فيه اقتضاء هذه الحالة، كذلك نرى عدّة مجتمعات غير مجتمع المعصوم ونرى فيها ثبوت السيرة، فنستكشف ثبوتها في مجتمع المعصوم.

وهذا الطريق يختلف عن الطريق الأوّل الذي كان مبتنياً على روحيّة الاستصحاب القهقرائيّ وافتراض توارث السيرة يداً بيد، فإنّ هذا الطريق ليس مبتنياً على ذلك، وإنّما هو مبتن على روح التمسّك بالاستقراء، واستنتاج النتيجة الكلّيّة من الاستقراء الناقص كما هو الحال دائماً في باب التجربة.

وتحقيق هذا المطلب بالنحو المفصّل مربوط ببحث قوانين التجربة والمنطق الذاتيّ، وليس هنا موضع تفصيلها.

 


ولا لمجرّد إعراض الأصحاب عن الحديث كي يقال بعدم ثبوت الإعراض عن سنده؛ لاحتمال حملهم له على الاستحباب، على أنّ الإعراض لا يسقط السند، بل لوضوح أنّ المسح على الرجل كان محلّ ابتلاء كلّ الشيعة في كلّ يوم عدّة مرّات، فافتراض أنّ الحكم بقي غامضاً لديهم إلى آخر زمان الأئمّة(عليهم السلام)غير وارد. ولو كان وجوب المسح بتمام الكفّ هو الواضح لديهم فاحتمال أن ينقلب الأمر من أوّل عصر الغيبة إلى إجماع الفقهاء على عدم الوجوب غير وارد. ومثل هذا البيان قد يوجب القطع أو الاطمئنان بعدم وجوب المسح بتمام الكفّ.