المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

107


وعلى أيّ حال، ففي مثال المسح صحيح أنّ الالتزام بالمسح بتمام الكفّ فيه شيء من الكلفة، لكن بلوغ الكلفة إلى حدّ نجزم بكثرة السؤال عنه حتّى فيما لو كانت عادة الشيعة الموروثة من قبل عصر الاهتمام الكامل بتدوين النصوص هي المسح بتمام الكفّ بحجّة أنّ هذه السيرة تلائم الاستحباب غير واضح عندي(1). نعم، رغم هذا لا يبعد الإفتاء بعدم وجوب المسح بتمام الكفّ، إمّا لما ورد من إجزاء المسح بشيء من ظهر الرجل فيما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع(2)، بناءً على أنّ حمله في مقام الجمع على المسح بتمام الكفّ الذي هو غير مستوعب لتمام ظهر الرجل غير عرفيّ، فلو تعارض مع ما دلّ على وجوب المسح بتمام الكفّ، ولم يمكن حمل الثاني على الاستحباب وتساقطا، فالأصل عدم وجوب أكثر من المسمّى، وإمّا لأنّ ما قام من إجماع الإماميّة أو ما يشبه الإجماع من قِبَل قدماء الأصحاب على عدم وجوب المسح بتمام الكفّ يسقط خبر المسح بتمام الكفّ الظاهر في الوجوب عن الحجّيّة. وذلك لا لمجرّد التمسّك بالإجماع كي يقال: إنّه مدركي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل هو واضح لو فرضت السيرة غير توأم لارتكاز الوجوب، أمّا لو كانت توأماً لارتكاز الوجوب كان معنى ذلك وضوح الوجوب لدى المتشرّعة في زمان المعصوم، وهذا غير محتمل؛ إذ لو كان الحال كذلك فمن البعيد افتراض اختفاء القول بالوجوب بين الفقهاء من أوّل عصر الغيبة بنحو يكاد يكون عدم الوجوب إجماعيّاً.

(2) الوسائل، ج 1، الحديث 1022 و1076. ولو جعل ما فيه من قوله: «ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع» تفسيراً لقوله: «بشيء من قدميك» لا تفسيراً لـ «قدميك» بطل الاستدلال به في هذه الناحية، ويبقى الاستدلال به وبغيره من الروايات بلحاظ ما ورد فيها من عدم استبطان الشراك أو الشراكين.