المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

106

أخبار دالّة على الوجوب يكفي في هذا التقريب، ولا يضرّ وصول أخبار دالّة على عدم الوجوب.

وقد ظهر بهذا العرض: أنّه إن أردنا بهذا الطريق نفي حكم ليس في معرض النفي من قبل الإمام تقيّة يكفينا عدم ورود روايات مثبتة لذلك الحكم، ولا يضرّنا ورود روايات نافية له، فإنّ ورودها وإن كان مضرّاً بالتقريب الأوّل ولكن يكفينا التقريب الثاني. فهذه الروايات لا تضرّنا بل تفيدنا؛ لأنّها مؤيّدة للمطلوب.

وأمّا إن أردنا به نفي حكم يكون في هذا المعرض فيشترط فيه عدم ورود روايات وفق المطلوب؛ إذ هذه الروايات تبطل التقريب الأوّل. والتقريب الثاني بنفسه باطل هنا؛ إذ من المحتمل أنّه لم تكن سيرة وفق المطلوب وكثر السؤال وجاء الجواب وفق المطلوب تقيّة، فينحصر الدليل على المطلوب عندئذ بنفس تلك الروايات، فإن كانت حجّة تعبّداً، ولم يكن لها معارض ثبت المطلوب بالتعبّد. فورود روايات وفق المطلوب هنا لا ينفعنا بل عدمه أفضل؛ إذ على تقدير عدم ورودها تثبت السيرة، ويثبت المطلوب بالوجدان، بينما على تقدير ورودها لا يثبت المطلوب في أفضل التقادير إلّا بالتعبّد(1).

 


(1) لا يخفى أنّه لو ضمّ ما مضى منه(رحمه الله) في الشرط الرابع: من إلحاق إفتاء كثير من فقهائنا القدامى بورود الروايات في اشتراط العدم بأن يقال: (لو كثر الجواب لوصل الجواب إلينا، إمّا ضمن روايات، أو ضمن فتاوى) إلى ما ذكره هنا: من أنّ ورود روايات موافقة للمطلوب يضرّ بالتقريب الأوّل، وهو الاستدلال بالسيرة محضاً، لكانت نتيجة ذلك: أنّ التقريب الأوّل باطل في مثال المسح؛ إذ حتّى لو لم ترد أيّ رواية في المقام ففتاوى الفقهاء القدامى هي مطابقة للحكم المقصود إثباته. فنحن نحتمل كثرة السؤال والجواب ووصول الأمر إلينا ضمن الفتاوى.