المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

103

فيقال: لولا انعقاد السيرة وقتئذ على المقصود لكثر السؤال وكثر الجواب ولوصل إلينا ذلك.

وتوضيح الكلام في هذا الطريق هو: أنّ هذا الطريق يتقوّم بشروط أربعة عامّة في تمام موارده، ويمكن فرض شروط خاصّة لبعض موارده لخصوصيّة في ذاك المورد ولكن لا يمكن ضبط تلك الشروط. وتوفّر الشروط العامّة الأربعة يكفي في الغالب في حصول العلم بالسيرة، وهي كما يلي:

الشرط الأوّل: أن يكون ذلك الحكم حكماً فرديّاً لا اجتماعيّاً راجعاً إلى وليّ الأمر؛ وإلّا لم تلزم كثرة السؤال عنه. فلو شكّ ـ مثلاً ـ في وجوب الإحسان إلى الفقراء على الوالي لم يصحّ القول بأنّ بناء المتشرّعة في زمان الإمام(عليه السلام) كان على عدم التزام الشخص بالإحسان إلى الفقراء لو صار والياً، وإلّا لكانوا يحتملون الوجوب، ولكثر السؤال والجواب، وكان يصل ذلك إلينا.

إذ ليس المفروض كثرة السؤال في مثل هذه المسألة التي لم تكن محلّ ابتلاء الأفراد، ونحن نعلم أنّ أسئلتهم كانت تنشأ غالباً من الحاجة إلى فهم الحكم والابتلاء به.

هذا إضافة إلى أنّه لو ثبتت هذه السيرة لم تكن سيرة عمليّة بالفعل، وإنّما كانت سيرة تقديريّة بدون أن يكون المقدّر عليها ـ وهو فرض صيرورته والياً ـ ثابتاً بالفعل. وهذا يولّد إشكالاً بلحاظ ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ في بحث المرحلة الثانية: من أنّ ما يلازم الحكم الشرعيّ إنّما هو السيرة الفعليّة.

الشرط الثاني: أن يكون ذلك الحكم الفرديّ ممّا يكثر ابتلاء الأفراد به. وأمّا في مثل تملّك المعدن باستخراجه ـ مثلاً ـ فلا يمكن سلوك هذا الطريق لإثبات المقصود؛ لأنّه لم يكن ممّا يكثر الابتلاء به كي تلزم كثرة السؤال والجواب.

الشرط الثالث: أن لا يكون العمل على خلاف ما قصد إثباته موافقاً لطبع