المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

102

الثاني: إنّ ما عرفته من النحو الثاني إنّما يفيدنا لو كانت الملازمة ثابتة بين نفس السيرة والحكم الشرعيّ، عقليّة أو عاديّة، لا بين العلم بها والعلم به وهي المسمّـاة ـ بحسب الظاهر ـ في كلمات الشيخ الأعظم(قدس سره) بالملازمة الاتّفاقيّة. أمّا أنّه ما هو الصحيح من هذين الفرضين؟ فسيظهر ـ إن شاء الله ـ عند البحث عن المرحلة الثانية، فإنّه يختلف الأمر في ذلك باختلاف التقريبات فيها، وإنّما المقصود هنا التنبيه على أنّه على الفرض الثاني ليس الناقل للسيرة ناقلاً لجعل الشارع ولو بالملازمة لفرض عدم الملازمة بينهما، وإنّما يحصل العلم بأحد الأمرين إذا حصل العلم بالأمر الآخر من دون ملازمة بينهما بقانون خاصّ يبحث في بحث المنطق الذاتيّ، والمفروض أنّه لم يحصل لنا العلم بذاك الأمر الآخر وهو السيرة(1)، فلا يثبت الحكم.

إن قلت: إذا فرض ثبوت هذا الكشف حتّى عند الناقل، أي: أنّه كان يحصل له العلم بالجعل الشرعيّ لو علم بالسيرة، فكأنّه حكى لنا الجعل الشرعيّ مادام قد حكى لنا عن السيرة وعلّمه بها، فإنّا نقطع بأنّه لو سألناه عن وجود الجعل الشرعيّ وعدمه لأخبرَنا بوجوده.

قلنا: هذا النحو من الإخبار غير كاف ولو تصريحاً؛ لأنّه إخبار عن حدس(2).

الطريق الثالث: أن يكون خلاف ما يراد إثباته بالسيرة على خلاف الطبع،


(1) الظاهر على ما أذكر أنّه (رضوان الله عليه) عدل في وقت متأخّر عن اُمور من هذا القبيل؛ لأنّ المنطق الذاتي كما يوجب العلم بالأمر الثاني إذا علم بالأمر الأوّل كذلك يوجب العلم بقضيّة شرطيّة، وهي: إن كان الأمر الأوّل موجوداً فالأمر الثاني موجود، وبضمّ ذلك إلى ما دلّ تعبّداً على ثبوت الشرط يثبت الجزاء تعبّداً.

(2) ولكنّه قريب من الحسّ أو قل إنّه حدس عامّ بمعنى: أنّ أيّ عاقل آخر يكون محلّ هذا الحادس يحدس بعين حدسه، وحدسيّة الخبر بهذا الشكل لا تضرّ بالحجّيّة.