المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

10

إشكال في عدم جواز الاكتفاء بالامتثال الظنّيّ أو الاحتماليّ؛ إذ هو خلف.

وأمّا مسألة لزوم العلم في تنجّز التكليف وعدم حجّيّة الظنّ ذاتاً الذي هو محلّ الكلام، فما أفاده(قدس سره) فيها مبتن على الفكرة المشهورة في باب حجّيّة القطع: من أنّ القطع حجّة ذاتاً؛ لكونه عين الوصول، وأنّه مع عدمه تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وقد بنوا على هاتين القاعدتين، أعني: قاعدة حجّيّة القطع ذاتاً، وقاعدة قبح العقاب بلا بيان تمام المباحث العقليّة في علم الاُصول.

وقد مضى منّا أنّه لا أساس لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، وأنّ قاعدة حجّيّة القطع ذاتاً لا تتمّ إلّا على شكل الضروريّة بشرط المحمول؛ إذ ما لم تفرض مولويّة المولى في أحكامه المقطوعة لا معنى لحجّيّة القطع بأحكامه، كما لا يقول أحد بحجّيّة القطع بحكم زيد أو عمرو أو غيرهما من الناس من الذين لا مولويّة لهم علينا. وإذا فرضت مولويّة المولى في أحكامه المقطوعة فقد فرضت في الموضوع تماميّة التنجيز، فالقول بحجّيّة القطع ليس إلّا ضروريّة بشرط المحمول. وبهذا يظهر أنّ رأس الخيط في التفكير يجب أن يكون عبارة عن مولويّة المولى، والمفروض أنّ أصل مولويّة المولى مفروغ عنها قبل الشروع في علم الاُصول، ويبقى هنا التفكير في مدى سعة دائرة هذه المولويّة وضيقها.

فإن فرض اختصاص دائرتها بالأحكام المقطوعة لم يكن الظنّ أو الشكّ منجّزاً للحكم على العبد؛ لانتفاء المولويّة في موردهما. وإن فرضت سعة دائرة المولويّة لموارد الأحكام المظنونة والمشكوكة كان الظنّ والشكّ أيضاً حجّة على حدّ حجّيّة القطع. وبين الفرضين فروض متوسّطة كثيرة، فإذا فرض ـ مثلاً ـ أنّ دائرة المولويّة تشمل الأحكام المقطوعة والمظنونة دون المشكوكة كان القطع والظنّ حجّة دون الشكّ.

والتحقيق عندنا ـ كما مضى في بحث القطع ويأتي إن شاء الله في بحث البراءة