المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

96

وخائفة من مواقف الغيارى والشرفاء من أبناء النجف الذين وقفوا وجهاً لوجه قبال محافظ النجف ـ آنذاك ـ المجرم جاسم الركابيّ، حين أبلغهم بقرار السلطة منع المشاة من الذهاب إلى كربلاء، ليقولوا له: والله سنذهب مشياً على الأقدام، ونزور الحسين(عليه السلام)، وكان في طليعتهم الشهيد السعيد عبّاس عجينة (رحمه الله).

وعبّرت عن خوفها حين تراجعت عن قرار المنع على لسان محافظ النجف في الساعات الأخيرة قبل انطلاق مسيرة المشاة إلى كربلاء، وحين ظلّ رجال السلطة يتوسّلون بالعلماء والمراجع لدعوة المشاة إلى عدم التنديد بالسلطة وسبّ الرئيس المقبور البكر ونائبه المجرم صدام...

لقد شعرت السلطة أنّها اُهينت ولطّخت سمعتها وكسرت شوكتها بإقدام أبناء العراق البررة، أنصار الحسين (عليه السلام) الذين قدّموا العديد من الشهداء في هذه المناسبة، وكان لابدّ للسلطة الحاقدة أن تنتقم، وتفرّغ حقدها وغضبها، وتثأر من الاُمّة، ومن أبناء النجف بالذات، ومن المرجعيّة الواعية الرشيدة وما تمثّله من قيم، وما ترمز إليه من معان، فأرادت أن تنتقم من الاُمّة، فشنّت حملات إرهابيّة واسعة من الاعتقالات، أدّت إلى استشهاد عدد من أنصار الحسين (عليه السلام)، نظير الشهيد (صاحب آلبو گِلل) ورفاقه، والحكم بالسجن المؤبّد على عدد آخر من الأنصار.

وأرادت أن تنتقم بحقد من المرجعيّة، فكان اعتقال السيّد الشهيد، رضوان الله عليه، ففي الساعة التاسعة صباحاً جاء أحد ضبّاط الأمن المجرمين إلى دار السيّد الشهيد تمهيداً لمجيء مدير أمن النجف المجرم (أبو سعد)، وحين اجتمع هذا الأخير بالسيّد الشهيد قال له: إنّ السيّد عزّت الدوريّ ـ وكان وزيراً للداخليّة آنذاك ـ يودّ لقاءك في بغداد.

ذهب السيّد الشهيد (رحمه الله) إلى بغداد معتقلاً. وهناك التقى بمدير الأمن العامّ؛ ليبلغه رسالة حقد من القيادة العفلقيّة، وسيلاً من كلمات التهديد والوعيد بألوان من الانتقام. وفي هذه المرّة عذّب السيّد الشهيد وضرب، وبقيت آثاره عليه بعد الإفراج عنه حتّى كان لايقوى على صعود السلّم إلّا بصعوبة كان يخفيها. لقد سمعت هذا منه، وكان يقول: كنت أحرص على كتمان ذلك؛ كي لايؤدّي إلى انهيار أو خوف البعض ممّن لم يوطّن نفسه على الصمود والثبات.