المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

58

المقارنة أن يلاحظ الأقرب منهما إلى الحقيقة المطلوب مبدئيّاً الأخذ بها في كلّ مخاصمة، ولايفضّل علم الحاكم في هذا الطور من المقايسة على البينة؛ لأنّ الحاكم قد يخطأ كما أنّ البيّنة قد تخطأ، فهما في شرع الواقع سواء، كلاهما مظنّة للزلل والاشتباه».

وأيضاً ذكر المرحوم الشيخ آقا ضياء العراقيّ ـ الذي يعتبر من أكابر المحقّقين في العصر المتأخر ـ ذكر في كتابه ردّاً على من استدلّ لنفوذ علم القاضي بأدلّة القضاء بالحقّ والعدل: «أنّه قد يكون المراد بالحقّ والعدل هو الحقّ والعدل وفق مقاييس القضاء، لاالحقّ والعدل وفق الواقع، وكون علم القاضي من مقاييس القضاء أوّل الكلام» واستشهد(رحمه الله) على ذلك بالرواية الدالّة على عقاب رجل قضى بالحقّ وهو لايعلم، ببيان: أنّه لو كان موضوع القضاء هو الحقّ الواقعيّ لاالحقّ وفق مقاييس القضاء، لكان قضاء من قضى بالحقّ ـ وهو لايعلم ـ صحيحاً وضعاً وتكليفاً، ولاعقاب عليه إلّا بملاك التجرّي.

وأورد عليه اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في كتاب (فدك) أنّ هذه الرواية لاتدلّ على عدم موضوعيّة الواقع للحكم، غاية ما هناك أن نقيّد الأدلّة التي ظاهرها كون موضوع الحكم هو الحقّ والعدل الواقعيين بالعلم، بمقتضى دلالة هذه الرواية على عقاب من قضى من دون علم، فيصبح الواقع جزءَ موضوع، والعلم به جزءاً آخر للموضوع، ولابأس بذلك.

وعلى أيّة حال، فهذا كتاب تاريخيّ تحليليّ بديع عن قِصّة واحدة من التأريخ، وهي قِصّة (فدك).

هذا، وبعد رَدح من الزمن جاءت لاُستاذنا الشهيد أبحاث في منتهى الروعة في تحليل تأريخ حياة أئمّتنا الأطهار(عليهم السلام) من زاوية عملهم لإعلاء كلمة الله على وجه الأرض، كان يلقيها على طلّابه في أيّام وفيات الأئمّة(عليهم السلام) كاُطروحة شاملة متناسقة لكلِّ أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) في المنهج الذي نهجوه لخدمة الإسلام الحنيف.

وجميع أبحاثه (رضوان الله عليه) ترى فيها إضافةً إلى الدقّة والعمق مع السعة والشمول منهجيّةً فنيّةً رائعةً في طريقة العرض.