المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

57

وفي الأخلاق تعرّض الاُستاذ الشهيد(رحمه الله) لأرقى بحث أخلاقيّ علمىّ في ضمن أبحاثه الاُصوليّة لدى البحث عن الحسن والقبح العقليّين بمنهج لم يسبق له نظير.

وفي التفسير تعرّض (رضوان الله عليه) في أواخر حياته لأبحاث تفسيريّة قيّمة تختلف في اُسلوبها عن نمط التفاسير التجزيئيّة المتعارفة، أعطاها عنوان (التفسير الموضوعيّ)، وتلك أبحاث ألقاها في محفل عام للبحث، ولم يكن الحضور فيه خاصّاً بفضلاء طلّابه أو المحقّقين العلماء؛ ولذا لم يكن من المتوقّع أن يلقي هذه الأبحاث بما هو المأمول منه من مستوى العمق والدقّة؛ إذ ذلك يناسب الحضور الخاصّ، وليس الحضور العامّ، ومع ذلك ترى في تلك الأبحاث من العمق والتحليل الدقيق ما يبهر العقول، ويدلّ على مدى شموخ المستوى الفكريّ لهذا المفكّر العظيم.

وفي الاقتصاد ألّف اُستاذنا الشهيد(قدس سره) كتاب (اقتصادنا)؛ لنقد المذاهب الاقتصاديّة الماركسيّة والرأسماليّة، وتوضيح خطوط تفصيليّة عن الاقتصاد الإسلاميّ. ولاأقول: إنّه لم يوجد قبله كتاب في الاقتصاد الإسلاميّ بهذا المستوى فحسب، بل أقول: لم يوجد حتّى يومنا هذا الذي مضى على تأليف كتاب (اقتصادنا) نحو ربع قرن مَنْ كتب بمستواه.

وفي التأريخ كتب(رحمه الله) تأريخاً تحليليّاً عن قِصّة (فدك)، وكان عمره ـ وقتئذ ـ نحو سبع عشرة سنة، وترى في هذا الكتاب ـ الذي يمثّل السنين الاُولى من بلوغه سنّ التكليف ـ ما يعجبك من روعة التأليف، وعمق التحقيق والتدقيق، وممّا يزيدك إعجاباً بهذا الكتاب أنّه جاء فيه بالمناسبة بعض المناقشات الفقهيّة الدقيقة لما ورد في كلمات أكابر الفقهاء، وهذا ما لا يصدر عادة إلّا عن العلماء المحقّقين الكبار في سنين متأخّرة من أعمارهم الشريفة.

فلقد ناقش(رحمه الله) في كتاب (فدك) ما وقع من بعض أكابر العلماء كصاحب الجواهر (رضوان الله عليه) من الاستدلال على نفوذ علم القاضي بكون العلم أقوى من البيّنة المعلوم إرادة الكشف منها، ناقش ذلك بقوله:

«واُلاحظ أنّ في هذا الدليل ضعفاً ماديّاً؛ لأنّ المقارنة لم تقم فيه بين البيّنة وعلم الحاكم بالإضافة إلى صلب الواقع، وإنّما لوحظ مدى تأثير كلٍّ منهما في نفس الحاكم، وكانت النتيجة ـ حينئذ ـ أنّ العلم أقوى من البيّنة؛ لأنّ اليقين أشدّ من الظنّ، وكان من حقّ