المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

54

ومن هذا القبيل بحثه الذي لم يسبق له نظير في الجمع بين الأحكام الظاهريّة والواقعيّة، حيث اختار نفس ما أثبته المحقّقون من إمكانيّة الجمع بينهما، وعدم التنافي والتعارض فيما بينهما، ولكن مع التعديل الجوهريّ لطريقة الاستدلال، وكيفيّة الجمع.

وقبل أن أترك هذه النقطة لايفوتني أن اُشير إلى أنّ من أبحاثه البديعة ـ أيضاً ـ أبحاثه عن الترتّب، وعن التزاحم، وعن قاعدة لاضرر التي تعارف البحث عنها في الاُصول على رغم أنّها قاعدة فقهيّة.

وهو (رضوان الله عليه) إضافة إلى ما لديه من تحقيقات جديدة، ومطالب فريدة في نوعها في علم الاُصول من أوّله إلى آخره، كانت له محاولتان جديدتان في اُسلوب عرض علم الاُصول على الحوزة العلميّة، وتربية الطلّاب عليها:

الاُولى: التغيير في ترتيب مباحث الاُصول، وتبويبها، والتقديم والتأخير فيما بينها، وطريقة تقسيم الأبحاث، وهذا ما انعكس عملاً في كتبه الموسومة بــ (دروس في علم الاُصول)، وفيما كتبه تلميذه السيّد محمود الهاشميّ تقريراً لبحث الاُستاذ، وهو الكتاب المسمّى بــ (تعارض الأدلّة الشرعيّة)، وذلك إيماناً منه (رحمه الله) بأنّ الترتيب الذي تعارف لدى السابقين لمباحث علم الاُصول ليس ترتيباً فنّياً قائماً على أساس نكات طبيعيّة لتقديم وتأخير الأبحاث، فانتهج هو (رحمه الله) منهجاً جديداً في ترتيب علم الاُصول راعى فيه نكات فنيّةً للتقديم والتأخير.

والثانية: صياغة علم الاُصول فيما يسمّى بالسطح العالي في حلقات مترتّبة على وفق المراحل التي ينبغي أن يمرّ بها الطالب؛ إذ كان يعتقد (رضوان الله عليه) أنّ ما درجت عليه الحوزات العلميّة من دراسة عدّة من الكتب الاُصوليّة كتمهيد للوصول إلى ما يسمّى ببحث الخارج كان صحيحاً، ولكن ما تعارفوا عليه من انتخاب كتب متعدّدة تمثّل مراحل مختلفة من العصور الماضية لعلم الاُصول ليس على ما ينبغي، والطريقة الفضلى هي: أن يصاغ آخر التطوّرات العلميّة في ضمن مراحل متدرّجة؛ لتنمية الطالب وتعليمه، كما هو الاُسلوب المتعارف في المناهج الحديثة لسائر العلوم، وهذا ما جسّده (رضوان الله عليه) في كتبه المسمّاة بــ (دروس في علم الاُصول) الممنهجة على ثلاث مراحل تحت عنوان الحلقات.