المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

485

احتياطاً، فقد تحرّك عن احتمال الأمر، لا عن نفس الأمر أو العلم به.

وأمّا في الفرض الثاني فقد ذكر السيّد الاُستاذ (معترضاً على اُستاذه المحقّق النائينىّ(رحمه الله)): أنّ هذا الوجه لا ينطبق في المقام؛ لأنّ التحرّك في الحقيقة تحرّك عن أمر معلوم لا عن احتمال الأمر؛ فإنّه إنّما أتى بعملين لعلمه الإجمالىّ بثبوت الأمر بأحدهما.

أقول: إنّ أصل العلم بالأمر لا يحرّك الشخص ابتداءً نحو هذا الفرد أو ذاك الفرد، وإنّما يحرّكه نحو أىّ فرد بواسطة احتمال انطباقه على ذاك الفرد، فالاحتمال هو الجزء الأخير للعلّة المحرّكة، وهذا فرض متوسّط بين فرض كون المحرّك ابتداءً الأمر المعلوم، وفرض كون تمام المحرّك هو الاحتمال. وبما أنّ دعوى عدم حسن التحرّك عن احتمال الأمر مرجعها إلى الوجدان فسعة دائرتها وضيقها ـ أيضاً ـ بيد الوجدان، فبإمكان المحقّق النائينىّ(رحمه الله) أن يدّعي أنّ عدم الحسن شامل لهذا الفرض، كما أنّ بإمكان من يدّعي مثل هذا الوجدان أن ينكر شموله لهذا الفرض.

وبما ذكرنا ظهر الحال بالنسبة إلى الفرض الثالث، فإن قلنا بانحلال الأمر المتعلّق بالمركّب إلى الأوامر الضمنيّة، كان الجزء الأخير للمحرّك نحو الجزء المشكوك هو احتمال الأمر الضمنىّ بالنسبة إليه، وإن قلنا بعدم انحلاله كان الجزء الأخير للمحرّك نحوه احتمال انطباق الأمر المعلوم عليه.

وعلى أىّ حال، فسعة دائرة عدم الحسن وضيقها: بأن تشمل أو لاتشمل هذا الفرض ترجع إلى الوجدان، فمدّعي الوجدان قد يدّعي شموله لهذا الفرض، وقد ينكر ذلك(1).

وأمّا الوجه الثاني: وهو دعوى وجوب الامتثال التفصيلىّ خطابيّاً، أو غرضيّاً، فله تقريبان:

الأوّل: دعوى قيام الدليل ووجوب التفصيليّة في مقام الإتيان بالعبادة. وهو ما يدّعى في المقام: من قيام الإجماع على بطلان الاحتياط مع التمكّن من الامتثال التفصيلىّ، وهو كما ترى.

الثاني: أن يقال: صحيح أنّه لم يقم دليل على وجوب ذلك، لكنّه لم يقم دليل على


(1) وبالفعل قد أفتى المحقّق النائينىّ(رحمه الله) بجواز الاكتفاء بالامتثال الإجمالىّ في هذا الفرض، فكأنّ هذا راجع إلى دعوى ضيق دائرة الوجدان الذي يحسّ به.