المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

48

محمّدرضا آل ياسين، أمّا من حين البلوغ فلم اُقلّد أحداً. ولاأذكر أنّه قال: كنت من حين البلوغ أعمل برأيي، أو قال: كنت بين العمل بالاحتياط والعمل بالرأي.

16 ـ حدّثني (رضوان الله عليه) بعد رجوع المرحوم آية الله العظمى السيّد الحكيم(قدس سره)من لندن، إذ كان ذاهباً إلى لندن في أواخر حياته للعلاج: أنّه رأى ذات يوم آية الله الحكيم قبل مرضه في حرم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، فاُلهِم اُستاذُنا(رحمه الله) أنّ هذه آخر رؤية له للسيّد الحكيم، ولن يتوفّق لرؤيته مرّة اُخرى إلى أن يُتوفّى السيّد الحكيم(قدس سره). وبعد ذلك بأيّام قلائل تمرّض السيّد(رحمه الله)، واستمرّ به المرض إلى أن ذهبوا به إلى لندن للعلاج، ولم يشف من مرضه، وحينما رجع السيّد من لندن إلى مطار بغداد، وفي أثناء نزوله من سلّم الطائرة حاول اُستاذنا(رحمه الله) أن يلقي نظرةً على السيّد الحكيم؛ ليثبت بذلك أنّ ما اُلهم به كان وهماً لاقيمة له، فيأمل أن يشفى السيّد من مرضه، ويعيش صحيحاً سالماً، إلّا أنّه لم يوفّق الاُستاذ لرؤية السيّد إلى أن توفّي بنفس المرض، قدّس الله روحه الزكيّة.

17 ـ زار (زيد حيدر) عضو القيادة القوميّة في حزب البعث السيّد الشهيد(رحمه الله) ذات يوم بصحبة (عبدالرزّاق الحبّوبيّ)(1)، وتكلّم الاُستاذ الشهيد(رحمه الله) معه في جملة من المؤاخذات على الدولة بالقدر الذي كانت الظروف تسمح بالكلام معه فيها، وكان يعتبر هذا في تلك الأحوال موقفاً جريئاً من الاُستاذ(قدس سره)، وقد حضر المجلس ثلّة من طلّاب السيّد الشهيد وأصحابه، وكنت أنا أحد الحضّار، ولكن بما أنّ طول الزمان أنساني أكثر مضامين ما دار في تلك الجلسة أكتب هنا ما كتبه أبو محمّد(الشيخ عبد الحليم) حفظه الله، ولم يكن ـ وقتئذ ـ حاضراً في المجلس، ولكنّ الاُستاذ الشهيد(رحمه الله) قصّ عليه القِصّة. قال الشيخ عبد الحليم:

«تحدّث السيّد الشهيد قبالي عن طبيعة الحديث الذي دار بينه وبين زيد حيدر وكان الحبّوبيّ حاضراً، قال(رحمه الله): دخلت الغرفة وكان فيها زيد حيدر، وبعد دقائق دخل الحبّوبيّ الغرفة، فسلّم علىّ، وابتسم كأنّه كان مستحياً؛ لأنّه كان يصلّي في الغرفة الثانية، ويتظاهر بالخجل من تأخيرها إلى ذلك الوقت عصراً. وبدأت الحديث مع زيد بحضور الحبّوبيّ، وشرحت دور الحوزة العلميّة والعلماء في تحريك الاُمّة، وفي تربية الاُمّة، فعلماء الدين الشيعة يختلفون عن علماء المسيحيّة مثلاً؛ إذ إنّ الاُمّة مرتبطة بالعالم الشيعيّ، وبدأتُ


(1) كان عبدالرزّاق الحبّوبىّ ـ وقتئذ ـ محافظ كربلاء، أو قائمّقام النجف.