المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

479

الواجب، فقد حصل له العلم بالإتيان بذات الواجب، وإن لم يحصل له العلم بالإتيان بالواجب بما هو واجب.

وهذا بخلاف القسم الثاني؛ إذ لو أكرم أحدهما، وكان هو العالم واقعاً، لم يحصل له العلم بالإتيان بذات الواجب؛ فإنّ ذات الواجب عبارة عن إضافة الإكرام إلى العالم، وهو لا يعلم بالإتيان بها.

والمختار في القسم الأوّل هو: أنّ العلم الإجمالىّ مقتض للتنجّز على مستوى حرمة المخالفة القطعيّة، وليس علّة لذلك، وليس علّة ولا مقتضيّاً لوجوب الموافقة القطعيّة. وفي القسم الثاني هو أنّ العلم الإجمالىّ مقتض لحرمة المخالفة القطعيّة ولوجوب الموافقة القطعيّة، وليس علّة لشيء منهما.

وينبغي هنا المنع عن عدّة توهّمات:

الأوّل: أن يتوهّم أنّ مقصودنا ممّا مضى هو التفصيل بين الشبهة الحكميّة والشبهة الموضوعيّة. فالشبهة في القسم الأوّل حكميّة، والعلم الإجمالىّ يقتضي فيها حرمة المخالفة القطعية، وليس علّة لذلك، ولا مقتضيّاً لوجوب الموافقة القطعيّة. وفي القسم الثاني موضوعيّة، والعلم الإجمالىّ يقتضي فيها حرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة من دون أن يكون علّة لأحدهما.

ولكنّ الواقع: أنّ الشبهة الحكميّة داخلة تحت القسم الأوّل دائماً، لكن الشبهة الموضوعيّة قد تدخل تحت القسم الأوّل، وقد تدخل تحت القسم الثاني.

وتوضيح ذلك: أنّ الشبهة الموضوعيّة في الحكم تارة تنشأ عن الشبهة في جهة تقييديّة في متعلّق الحكم (والمقصود بالمتعلّق: ما يعمّ المتعلّق مباشرة، ومتعلّق المتعلّق)

ومثاله: ما مضى من فرض العلم بوجوب إكرام العالم، والشكّ في أنّ العلم الذي هو جهة تقييديّة في المتعلّق هل هو موجود في زيد، أو في عمرو؟ وهذا هو الذي جعلناه قسماً ثانياً من قسمي العلم الإجمالىّ.

واُخرى تنشأ عن الشبهة في جهة تعليليّة للحكم، كما لو قال المولى: إن نزل المطر، فأكرم زيداً، وقال: إن جاء العجاج، فأكرم عمراً، وعلمنا إجمالاً بنزول المطر أو مجيء العجاج، فنعلم إجمالاً بوجوب إكرام أحد الشخصين. فهذه شبهة موضوعيّة، ولكنّ العلم