المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

474

لايمكن إدراكه إلّا بالوجدان والعقل العملىّ، فإن قلنا: إنّ حقّ المولى إنّما هو إطاعة الأحكام الواصلة مثلاً، وليس من حقوقه عدم إخراج العبد نفسه عن دائرة التنجيز بالشكل الذي يؤدّي إلى تفويت أغراضه اللزوميّة، إذن فلايجب عليه التحرّز من قطوع من هذا القبيل.

وإن قلنا: إنّ دائرة حقّ المولى قد اتّسعت لتحرّز من هذا القبيل، كما هو الصحيح، إذن وجب عليه ذلك، ولو خالف، استحقّ العقاب، لاعلى مخالفة الواقع؛ إذ الواقع المقطوع بخلافه خارج عن دائرة حقّ الامتثال، بل على تعريض نفسه لمثل هذه القطوع، أو تركه للعلاج؛ إذ أصبح هذا بنفسه مخالفة لحق المولى(1).

 

 


(1) الظاهر: أنّ مخالفة ذلك لحقّ المولى هي سنخ التجرّي، وقد خالف حقّ المولويّة في أصل مخالفته للحكم الواقعىّ، وهذا سنخ المعصية.

ولا يقال: إنّ هذا الحكم لم يكن منجّزاً عليه؛ لأنّه كان قاطعاً بالخلاف.

فإنّه يقال: إنّ هذا الحكم قد تنجّز بعلمه الإجمالىّ بأنّ كثيراً من قطوعه خلاف الواقع، وتنجّز ذلك لاينافي تنجّز العمل بالقطع عليه؛ فإنّ التنجّز الثاني الذي هو سنخ تنجّز حرمة التجرّي ليس تنجّزاً لخصوص العمل بالقطع، بل هو تنجّز لجامع ترك مخالفة القطع الذي يمكن أن يتجسّد بفراره من ذاك القطع. فالأمران المتنجّزان عليه كان الجمع بينهما ممكناً بشأنه، وإنّما فوّت على نفسه القدرة على الجمع بسوء الاختيار، والامتناع بالاختيار لاينافي الاختيار.