المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

47

عن أن يتكرّر منه هذا العمل. وكان السبب في ذلك ـ على رغم علمه بأنّ حفيد عمّه أهلٌ، ومحلّ لإمامة الجماعة ـ أنّه تعارف لدى قسم من أئمّة الجماعة الاستعانة في غيابهم بنائب عنهم يختار من أقربائهم أو أصحابهم، لالنكتة موضوعيّة، بل لأنّه من أقربائه أو أصحابه، فقد يُحمل ما وقع من صلاة حفيد العمّ في نظر الناس غير المطّلعين على حقيقة الأمر على هذا المحمل، في حين أنّه لابدّ من كسر هذه العادة، وحصر إمامة الجماعة في إطار موضوعىّ صحيح، وتحت مقياس دقيق تلحظ فيه مصالح الإسلام والمسلمين، زائداً على الشرائط الأوّليّة الفقهيّة لإمامة الجماعة، فلهذا منع حفيد العمّ عن هذا العمل مادام قابلاً في نظر الناس لتفسير غير صحيح على رغم علمه بتحقيق الشرائط والمصالح فيه.

13 ـ حدّثني الاُستاذ(رحمه الله) أنّه كان في فترة من الزمن أيّام طلبه للعلم يتشرّف بالذهاب يوميّاً ساعة في اليوم إلى الحرم الشريف بغرض أن يفكّر في تلك الساعة في المطالب العلميّة، ويستلهم من بركات الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، ثُمَّ قطع هذه العادة، ولم يكن أحد مطّلعاً عليها، وإذا بامرأة في بيت الاُستاذ، ولعلّها والدته الكريمة ـ والشكّ والترديد منّي، وليس من الاُستاذ(رحمه الله) ـ رأت في عالم الرؤيا أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول لها ما مضمونه: قولي لباقر: لماذا ترك درسه الذي كان يتتلمذ به لدينا؟!

14 ـ رأى أحد طلّابه ذات يوم في عالم الرؤيا أنّه يمشي هو وزميل آخر له من طلّاب السيّد الشهيد بخدمة الاُستاذ في طريقهم إلى مقصد ما، وإذا بحيوانات مفترسة هجمت على السيّد الشهيد كي تفترسه، ففرّ الزميلان من بين يديه، وجاء ناس آخرون التفّوا حول الاُستاذ؛ كي يحموه من تلك السباع. فحدّث هذا الطالب بعد ذلك اُستاذنا الشهيد برؤياه، فقال له الاُستاذ(رحمه الله): إنّ تعبير رؤياك أنّكما ستنفصلان، وتبتعدان عنّي، ويأتي ناس آخرون يلتفّون حولي، ويكونون رفاقي في الطريق. وكان هذا الكلام غريباً على مسامع ذاك الطالب؛ لأنّه وزميله كانا آنذاك من أشدّ المعتقدين بالاُستاذ وأكثر صحبة له، ولكن ما مضت الأيّام والليالي إلّا وابتعدا عن الاُستاذ: (أحدهما بالسفر، والآخر بترك الدرس على رغم وجوده في النجف).

15 ـ سألت الاُستاذ(رحمه الله) ذات يوم عن أنّه هل قلّد في حياته عالماً من العلماء، أو لا؟ فأجاب (رضوان الله عليه) بأ نّي قلّدت قبل بلوغي سنّ التكليف المرحوم الشيخ