المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

467

 

 

 

 

المرحلة الثالثة: مرحلة الحجّيّة، فقد يدّعى القصور بحسب عالم الحجّيّة من ناحية ورود الردع من الشارع عن الأدلّة العقليّة.

ودعوى الردع عنها تتصوّر على نحوين:

الأوّل: دعوى الردع عن خوض الطريق العقلىّ والتفكير فيه لاستنباط الحكم الشرعىّ؛ باعتبار أنّ هذا الطريق سيوصلنا إلى القطع بخلاف الواقع، فصحيح أنّه بعد حصول القطع يكون القطع حجّة على رغم كونه خلاف الواقع، لكنّه مع ذلك سيعاقب هذا الإنسان على مخالفته للواقع؛ لأنّه فوّته باختياره؛ لسلوكه لذاك الطريق، والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.

الثاني: دعوى الردع عن نفس العمل بالقطع الحاصل عن طريق العقل بعد فرض حصوله. ويفترق الوجه الثاني عن الوجه الأوّل في اُمور:

منها: أنّه لو حصل له القطع صدفة بخلاف الواقع عن طريق العقل بلا تفكير وتعمّد في سلوك الطريق العقلىّ، كان معذوراً في العمل بقطعه على الأوّل دون الثاني.

ومنها: أنّ البحث على الأوّل يتمحّض في مرحلة الإثبات؛ إذ لا إشكال في إمكانه ثبوتاً. وعلى الثاني يقع البحث في أصل إمكانه ثبوتاً.

وعلى أىّ حال، فلنذكر أوّلاً البحث الثبوتىّ على الوجه الثاني، ثُمّ نعقّب ذلك بالبحث الإثباتىّ.

أمّا البحث الثبوتىّ: فقد أفاد الاُصوليّون في المقام: أنّ حجّيّة القطع ذاتيّة، وكلّ ما بالعرض ينتهي إلى ما بالذات، وحجّيّة كلّ شيء تكون بالقطع، وحجّيّة القطع تكون بذاته، فلا يمكن الردع عنها؛ فإنّ ذاتىّ الشيء لا يمكن انفكاكه منه. وفرّعوا على ذلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان، ومعذّريّة الشكّ عقلاً ما لم تقم حجّة شرعيّة؛ وذلك لعدم وجود ما هو حجّة بالذات، وعدم الانتهاء إليه. ومن هنا وقعوا في حيص وبيص في كيفيّة تصوير حجّيّة