المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

441

الخارجىّ على ذاك الفعل النفسىّ واجب، لكنّ هذا الوجوب لا ينافي الاختيار؛ لكونه في طول الاختيار، لا بمعنى كونه في طول الإرادة: بأن تسمّى الإرادة اختياراً، بل بمعنى كونه في طول إعمال النفس للقدرة. وخصوص هذا الفعل النفسانىّ خارج عن تحت قاعدة: أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد، ويكفي فيه نفس الإمكان.

أقول: لا أدري لماذا لم يدّعوا ـ بعد فرض تطرّق الاستثناء إلى قاعدة: أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ـ كفاية الإمكان ابتداءً بالنسبة إلى الأفعال الخارجيّة. ثُمّ لا أدري ماذا يقصد بإعمال القدرة؟ فهل الإعمال غير العمل؟

وبتعبير آخر: هل المقصود بإعمال القدرة إيجاد نفس القدرة، أو إيجاد المقدور ـ وهو الفعل الخارجىّ ـ أو ماذا؟ فإن كان المقصود هو إيجاد نفس القدرة ـ والظاهر أنّه ليس هو المقصود ـ فمن الواضح: أنّ إيجاد القدرة عمل للواهب تعالى لا لهذا الشخص، وإن كان المقصود هو الثاني، ورد عليه أنّ الإيجاد عين الوجود، وإنّما يختلفان بالاعتبار، وليس كلّ من الإيجاد والوجود فعلاً مستقلّاً للفاعل في قبال الآخر.

وأظنّ أنّهم تفطّنوا إلى أنّه لو بني على استثناء الأفعال الإراديّة مباشرة من قاعدة: أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد، وقيل بكفاية الإمكان فيها، لأمكن دعوى كفاية الإمكان في الاُمور التكوينيّة أيضاً، وبهذه الدعوى ينسدّ باب إثبات الصانع، فالتزموا بحالة متوسّطة بين الوجوب والإمكان في الأفعال الإراديّة بتوسيط أمر لا يتصوّر القول به في الاُمور التكوينيّة، وهو إعمال القدرة، غفلة منهم عن أنّ الكلام ينقل إلى هذا الأمر المتوسّط، وهو إعمال القدرة؛ إذ هذا اعتراف بكفاية الإمكان بالمباشرة وبلا توسيط أمر في تحقّق إعمال القدرة. ولو أمكن دعوى كفاية الإمكان في هذا الأمر، أمكن دعواها في الاُمور التكوينيّة؛ لعدم وجود نكتة فنّيّة للفرق.

وأساس كلّ هذه الاشتباهات هو تخيّل انحصار النسبة في الوجوب والإمكان.

ونحن نقول: إنّ نسبة الفعل الاختيارىّ إلى فاعله هي بالتعبير الاسمىّ نسبة السلطنة، وبالتعبير الحرفىّ نسبة (له أن يفعل، وله أن لا يفعل). فنحن ننكر انحصار النسبة في الوجوب والإمكان، ونؤمن بأنّ النسب ثلاثة: نسبة الوجوب، ونسبة الإمكان، ونسبة السلطنة، أو (له أن يفعل، وأن لا يفعل). ونؤمن بأنّ موضوع القاعدة العقليّة الصادقة في كلّ