المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

440

كان صحيحاً، إلّا أنّ الكلام في الصغرى، وهو كون هذا الوجوب في طول الاختيار؛ فإنّهم يقصدون بذلك: أنّ الفعل في طول الإرادة، وسمّوا الإرادة بالاختيار. وهذه التسمية ـ أيضاً ـ ليست عدا اصطلاح اعتباطىّ فارغ من النكتة المطلوبة في تصحيح استحقاق المدح والذمّ، وحكم العقل العملىّ بالحسن والقبح؛ فإنّ الإرادة ليست عدا حالة نفسانيّة تعرض على الإنسان، كعروض سائر العوارض عليه، ونسبتها إلى الإنسان بعنوان الفاعل هي نسبة الوجوب ـ بحسب ما هو مفروض في كلامهم ـ وبعنوان القابل هي نسبة الإمكان، كما قالوا بذلك في جميع العوارض لعوالم الإمكان. فهل ترى لو أوجد شخص تكويناً إرادة الفعل في نفس شخص آخر، وترتّب عليها تكويناً صدور الفعل عنه، استحقّ ذاك الفاعل المدح أو الذمّ؟!

وحاصل الكلام: أنّ ما هو ثابت في الواقع، ومركوز في الأذهان، ومدرك بالعقل الفطرىّ، هو اختياريّة أفعال الإنسان بالمعنى المترتّب عليه الحسن والقبح والمدح والذمّ. فالمحدّد للاختياريّة عندنا إنّما هو العقل العملىّ. وأمّا هؤلاء الفلاسفة فلم يحدّدوا الاختياريّة بالعقل العملىّ، وإنّما حدّدوها باصطلاح خاصّ، ولا نزاع لنا معهم في اصطلاحهم.

ولكنّا نقول: إنّ هذه المصطلحات والنزاع فيها لا تعدوأن تكون نزاعاً لفظيّاً فارغاً لا محصّل لها ما لم يرجع الكلام إلى البحث عن اختيار مصحّح لما هو المدرك لدى الناس من الحسن والقبح بناءً على حقّانيّتهما.

نعم، إن صحّت نسبة المحقّق الإصفهانىّ(رحمه الله) إلى الفلاسفة القول بما يرجع إلى إنكار العقل العملىّ رأساً، ورجوع التحسين والتقبيح والمدح والذمّ إلى تباني العقلاء وتواطئهم على ذلك، لم يبق لهم أثر عملىّ للبحث عن الاختيار بهذا المعنى. هذا.

وذكر المحقّق النائينىّ(رحمه الله) والسيّد الاُستاذ ومن حذا حذوهما في تصوير الاختيار أنّ قاعدة: أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد مختصّة بغير الأفعال الإراديّة، أمّا الأفعال الإراديّة فالنسبة فيها هي الإمكان بلحاظ الفاعل، كما كانت هي الإمكان بلحاظ القابل؛ وذلك لأنّ الأفعال الإراديّة تكون في طول الاختيار، بمعنى: أنّه يصدر عن الإنسان حين العمل أمران:

1 ـ إعمال القدرة، وهو فعل من أفعال النفس، لا حالة خاصّة عارضة عليها كالإرادة.

2 ـ العمل الخارجىّ. والثاني اختيارىّ بالأوّل، والأوّل اختيارىّ بنفسه. وترتّب الفعل