المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

386

الوجه الثالث: ما ذكره المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله)، وإليك نصّ عبارته:

«ثمّ لا يذهب عليك أنّه على تقدير لزوم الموافقة الالتزاميّة ـ لو كان المكلّف متمكّناً منها ـ تجب ـ ولو فيما لا يجب عليه الموافقة القطعيّة عملاً، ولا يحرم المخالفة القطعيّة عليه كذلك أيضاً؛ لامتناعها، كما إذا علم إجمالاً بوجوب شيء أو حرمته ـ للتمكّن من الالتزام بما هو الثابت واقعاً والانقياد له والاعتقاد به بما هو الواقع والثابت، وإن لم يعلم أنّه الوجوب أو الحرمة. وإن أبيت إلّا عن لزوم الالتزام به بخصوص عنوانه، لما كانت موافقته القطعيّة الالتزاميّة ـ حينئذ ـ ممكنة، ولما وجب عليه الالتزام بواحد قطعاً؛ فإنّ محذور الالتزام بضدّ التكليف عقلاً ليس بأقلّ من محذور عدم الالتزام به بداهة، مع ضرورة أنّ التكليف لو قيل باقتضائه للالتزام، لم يكد يقتضي إلّا الالتزام بنفسه عيناً، لا الالتزام به أو بضدّه تخييراً. ومن هنا انقدح: أنّه لا يكون من قبل لزوم الالتزام مانع عن إجراء الاُصول الحكميّة أو الموضوعيّة في أطراف العلم، لو كانت جارية مع قطع النظر عنه».

وظاهر العبارة أنّ كلمة «من هنا» في آخر عبارته إشارة إلى كلّ ما مضى، إذن فمقصوده(رحمه الله) هو الجواب عن مشكلة مانعيّة وجوب الالتزام عن جريان الاُصول:

أوّلاً: بأنّ الالتزام الواجب إنّما هو الالتزام بالواقع على إجماله، لا الالتزام به بعنوانه التفصيلىّ، والالتزام بالواقع على إجماله لا ينافي جريان الاُصول.

وثانياً: بأنّه لو تنزلنا وافترضنا كون الواجب هو الالتزام بالواقع بعنوانه التفصيليّ: «لما كانت موافقته القطعيّة الالتزاميّة ـ حينئذ ـ ممكنة؛ ولما وجب عليه الالتزام...» إلى آخره.

إلّا أنّ المحقّق الإصفهانىّ(رحمه الله) فسّر العبارة بتفسير غريب، وهو: أنّه مع الاعتراف بأنّ الواجب هو الالتزام بالواقع على إجماله يصبح وجوب الالتزام مانعاً عن جريان الاُصول؛ لأنّ وجوب الالتزام ثابت حتّى في حالة دوران الأمر بين المحذورين، فيمنع عن جريان الاُصول على رغم عدم محذور عملىّ؛ لعدم إمكانيّة الموافقة القطعيّة ولا المخالفة القطعيّة، أمّا إذا افترضنا أنّ الواجب هو الالتزام بالواقع بعنوانه التفصيلىّ، إذن لا يشكّل هذا محذوراً عن جريان الاُصول في موارد دوران الأمر بين المحذورين؛ إذ على هذا الفرض «ما كانت موافقته القطعيّة الالتزاميّة ـ حينئذ ـ ممكنة...» إلى آخر عبارة الكفاية.