المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

385

للخطاب التفصيلىّ، أعني: وجوب الالتزام بحكم اللَّه، وهو غير جائز حتّى في الشبهة الموضوعيّة كما سيجيء، فيخرج عن المخالفة العمليّة).

الوجه الثاني: ما جاء في (الدراسات): من أنّه لا يجب الالتزام بالحكم بعنوانه التفصيلىّ حتّى يمنع ذلك عن جريان الاُصول في الأطراف، بل يكفي الالتزام به بعنوانه الإجمالىّ.

وهذا الجواب غير صحيح، سواء قرّبنا المانعيّة بفرضيّة: أنّ جريان الاُصول ينافي وجوب الالتزام، أو قرّبناها بفرضيّة أنّ إجراء الاُصول يجعل الالتزام بالحكم المعلوم غير ممكن.

أمّا على التقريب الأوّل، فأجنبيّة الجواب الذي ذكره عمّا نحن فيه في غاية الوضوح؛ فإنّ من يرى مانعيّة وجوب الالتزام عن جريان الاُصول بهذا التقريب يرى أنّ جريان الاُصول في تمام الأطراف والترخيص فيها جميعاً يوجب الترخيص في ترك الامتثال الجنانىّ للحكم المعلوم ثبوته في أحد الأطراف، ومن المعلوم: أنّه لا فرق في ذلك بين فرض كون الامتثال الجنانىّ عبارة عن الالتزام بالحكم بعنوانه التفصيلىّ وفرض كونه عبارة عن الالتزام بالحكم بعنوانه الإجمالىّ(1). ولعلّ نظر السيّد الخوئىّ في الجواب إلى التقريب الثاني من تقريبي المانعيّة، لا التقريب الأوّل الذي تكون أجنبيّة الجواب عنه في غاية الوضوح.

وأمّا على التقريب الثاني، فالصحيح ـ أيضاً ـ أنّ الجواب المذكور في غير محلّه؛ فإنّ منشأ دعوى التنافي بين الاُصول والالتزام هو توهّم أنّ الالتزام بشيء مع التعبّد بضدّه ظاهراً التزام بالضدّين(2)، مع توهّم أنّ الالتزام بالضدّين محال. وهذا ـ أيضاً ـ لا يفرّق فيه بين فرض الالتزام بالعنوان التفصيلىّ والالتزام بالعنوان الإجمالىّ؛ فإنّ الالتزام بشيء سواء كان بعنوانه التفصيليّ، أو الإجمالىّ مع الالتزام بما يضادّه التزام بالمتضادّين المفروض استحالته.


(1) لو قصد بالالتزام بالحكم بعنوانه الإجمالىّ الالتزام بالجامع، وقيل: إنّ الاُصول في الأطراف إنّما تنفي وجوب الالتزام بخصوصيّة الأفراد، فالإشكال غير وارد.

(2) أو اعتقاد أنّ الأصل يوجب علينا ظاهراً الالتزام بواقعيّة الحكم المنافي للمعلوم بالإجمال، كما يتّجه ذلك على بعض الشقوق، وقد مضى.