المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

384

بالورود بلا فرق بين الشبهات الحكميّة والموضوعيّة، وإن كان تنجيزيّاً، فلايمكن رفع هذا الحكم العقلىّ التنجيزىّ بالاُصول، لا ابتداءً ولا برفع موضوعه وهو الحكم الواقعىّ: أمّا الأوّل فلأنّ المفروض تنجيزيّة الحكم العقلىّ في المقام، وكون العلم الإجمالىّ علّة تامّة لوجوب الالتزام، وأمّا الثاني فلما قلنا: من أنّ حكومة الاُصول على الأحكام الواقعيّة ظاهريّة(1)، والمفروض الفراغ من عدم المنافاة بين الحكم الواقعىّ والظاهرىّ. ولعلّه(رحمه الله)يشير إلى ما ذكرناه في نفي حكومة الاُصول على وجوب الالتزام بما ذكره في آخر عبارته من قوله: (ولكنّ التحقيق: أنّه لو ثبت هذا التكليف، أعني: وجوب الأخذ بحكم الله والالتزام مع قطع النظر عن العمل، لم تجر الاُصول؛ لكونها موجبة للمخالفة العمليّة


(1) أمّا لو كانت واقعيّة، فلامعنىً ـ أيضاً ـ للحكومة بمعناها الخاصّ على الحكم العقلىّ بتقليصه عن طريق نفي موضوعه تعبّداً، ولا فرق في عدم معقوليّة الحكومة بالمعنى الخاصّ بين الحكومة بالمباشرة بنفي موضوع وجوب الالتزام وهو الحكم الشرعىّ تعبّداً، والحكومة بواسطة الحكومة على الحكم الشرعىّ الذي يجب الالتزام به بنفي موضوع الحكم الشرعىّ تعبّداً. نعم، لو كان نفي موضوع الحكم الشرعىّ تعبّداً واقعيّاً لا ظاهريّاً، أنتج ذلك بالحكومة نفي الحكم الشرعىّ واقعاً، ويكون هذا وارداً على حكم العقل بوجوب الالتزام بالحكم الشرعىّ برفع موضوعه تكويناً.

وعلى أيّ حال، فلاإشكال في أنّ حكم العقل بوجوب الالتزام لو كان تنجيزيّاً، لم يعقل رفعه بالاُصول؛ لأنّه خلف تنجيزيّته، ولو كان تعليقيّاً، ارتفع بالاُصول.

ولعلّ هذا هو مقصود صاحب الكفاية(رحمه الله) فيما جاء في نسخة (حقائق الاُصول) من قوله بعد بيان عدم المانع عن جريان الاُصول من قبل لزوم الالتزام: «كما لا يدفع بها محذور عدم الالتزام به، إلّا أن يقال: إنّ استقلال العقل بالمحذور فيه إنّما يكون فيما إذا لم يكن هناك ترخيص في الإقدام والاقتحام في الأطراف، ومعه لا محذور فيه، بل ولا في الالتزام بحكم آخر».

إلّا أنّ نسخة المشكينىّ تشير إلى بيان مسألة عدم رافعيّة الاُصول لوجوب الالتزام لو كان تنجيزيّاً في صياغة الدور، حيث جاءت العبارة كما يلي:

«كما لا يدفع بها محذور عدم الالتزام به، بل الالتزام بخلافه لو قيل بالمحذور فيه حينئذ أيضاً، إلّا على وجه دائر؛ لأنّ جريانها موقوف على عدم محذور في عدم الالتزام اللازم من جريانها، وهو موقوف على جريانها بحسب الفرض. اللّهمّ، إلّا أن يقال: إنّ استقلال العقل بالمحذور فيه...» إلى آخر ما مضى.

وهناك نسخة ثالثة بناءً على ما ذكره المشكينىّ(قدس سره) في تعليقته حذفت فيها تمام العبارة، وذكر المشكينىّ(رحمه الله)أنّ اُستاذه نقل: أنّ المحقق الخراسانىّ ضرب القلم على هذه العبارة.

أقول: إنّ بيان الإشكال على رفع وجوب الالتزام بجريان الاُصول بناءً على تنجيزيّته في صياغة الدور لابأس به؛ فإنّ جريان الاُصول متوقّف على عدم حكم العقل تنجيزيّاً بوجوب الالتزام، فلو كان هو في نفس الوقت رافعاً لذلك، للزم الدور، إلّا أنّنا لسنا بحاجة إلى إشكال الدور؛ فإنّ حكم العقل إن كان تنجيزيّاً، فنفس تنجيزيّته كافية في وضوح عدم ارتفاعه بالاُصول؛ لأنّ ذلك خلف تنجيزيّته، وإن كان تعليقيّاً، فيرتفع لا محالة بجريان الاُصول بلا لزوم دور في المقام.