المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

381

الفردىّ، فحينئذ: تارة يفترض أنّ وجوب الالتزام وحرمة التشريع حكمان عقليّان. واُخرى يفترض أنّهما حكمان شرعيّان.

وثالثة يفترض أنّ وجوب الالتزام عقلىّ، وحرمة التشريع شرعيّة.

ورابعة يفترض العكس.

ففي الفرض الأوّل: لابدّ من مراجعة العقل الذي هو الحاكم في تنظيم العلاقات بين العبد والمولى؛ كي يرى ماذا يحكم في مثل ما نحن فيه، من وجوب، أو تحريم، أو لا يحكم بشيء منهما؟

وفي الفرض الثاني: لابدّ من مراجعة الدليلين الشرعيّين المفترضين؛ كي يرى هل هناك مرجّح لدليل حرمة التشريع، وبالتالي يلغو وجوب الالتزام فيما نحن فيه نهائيّاً، أو هناك مرجّح لدليل وجوب الالتزام، وبالتالي تلغو حرمة التشريع في الفرد المعلوم بالإجمال، ولكن تبقى الحرمة في الفرد الآخر، ويصبح المورد من موارد العلم الإجمالىّ بواجب وحرام مع الاشتباه فيما بينهما، أو أنّه لا مرجّح لأحدهما على الآخر، فيتساقطان في الفرد المعلوم بالإجمال، وتبقى حرمة التشريع في الفرد الآخر، ويصبح المورد من موارد العلم الإجمالىّ بالحرام؟

وفي الفرض الثالث: لو كان حكم العقل بوجوب الالتزام تعليقيّاً، أي: كان معلّقاً على عدم ترخيص الشارع في الخلاف، فقد انتفى الوجوب بالترخيص المستفاد من دليل حرمة التشريع، ولو كان تنجيزيّاً، وقع التعارض بين دليل حرمة التشريع ودليل أصل ثبوت الحكم الذي يجب الالتزام به، ووجب الرجوع إلى قوانين باب التعارض في ذلك.

وفي الفرض الرابع: لو كانت حرمة التشريع عقلاً معلّقة على عدم ترخيص الشارع، فوجوب الالتزام ترخيص ناف للحرمة في الفرد المعلوم بالإجمال، فتقف حرمة التشريع على الفرد الآخر، ويصبح المورد من موارد العلم الإجمالىّ بواجب وحرام مع الاشتباه فيما بينهما(1).

وقد تلخّص من جميع ما ذكرناه إلى هنا: أنّه يشترط في سقوط الاُصول في أطراف


(1) أمّا لو كانت حرمة التشريع العقليّة تنجيزيّة، فوجوب الالتزام يسقط في المقام؛ لأنّ الدليل النقلىّ لا يقاوم عند التعارض حكم العقل. ولا أدري لماذا لم يوجد في المتن ذكر هذا الشقّ، ولعلّه سقط منّي عند تقرير البحث.