المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

374

الحقّ، فهو ينفي الرابع، وعرضيّة الحقّين، فهو ينفي الثاني.

وعلى أىّ حال، فهذا الوجه الثالث الذي عليه مدار البحث عند الأصحاب نفياً أو إثباتاً الحقّ فيه هو النفي؛ وذلك لوضوح: أنّ التكليف لا يدعو إلّا إلى ما تعلّق به، وهو لم يتعلّق إلّا بالعمل، وحكم العقل بتنجّز التكليف ليس إلّا ضماناً عقليّاً لتحقّق ما أراده التكليف من التحرّك، إذن فالالتزام غير مشمول لا لتحريك التكليف ودعوته؛ إذ لم يتعلّق به، ولا لحكم العقل بالتنجّز؛ إذ لم يكن داخلاً في تحريك التكليف كي ينجّزه العقل، فلو فرضنا حكم العقل بوجوبه، فليس إلّا حكماً جديداً غير داخل في صميم حكم العقل بتنجّز التكليف، وليس شقّاً من شقّي وجوب الامتثال.

ويرد على الوجه الأوّل والثاني والثالث التي تجمعها دعوى حكم العقل بحقّ الموافقة الالتزاميّة للمولى: ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) في المقام: من أنّ الوجدان حاكم بانتفاء حقّ من هذا القبيل، وأنّ العبد الذي امتثل بالأركان ولم يلتزم بالجنان لا يستحقّ إلّا الثواب.

وينبغي أن يكون المقصود بذلك: دعوى أنّ العقل العملىّ الحاكم في تشخيص علاقات العبد والمولى الحقيقىّ يدرك عدم حقّ من هذا القبيل، لا الاستشهاد على المقصود بالنسبة إلى العبد وخالقه بحالة العبيد والموالي الاعتياديّين؛ إذ يرد على ذلك: أنّ مولويّة الله تعالى ذاتيّة، ويستحيل أن تكون مجعولة، ومولويّة الموالي الاعتياديّين مجعولة، ويستحيل أن تكون ذاتيّة، ودائرة الحقّ المجعول سعة وضيقاً تتبع دائرة الجعل، ولا تكون سعة دائرة جعله وضيقها دليلاً على سعة دائرة الحقّ الذاتيّ وضيقها، كما هو واضح.

ويرد على الوجه الرابع: أنّه لا يدلّنا برهان ولا وجدان على دخل الالتزام في غرض المولى، وحينئذ فإن أمكن أخذه في الخطاب، دفعنا احتماله بالإطلاق، وإلّا نفيناه بالبراءة وبالإطلاق المقامىّ.

بل نحن نقطع على وفق عرفنا المتشرّعىّ، وأنسنا بمذاق الشارع بعدم دخل ذلك في غرضه(1).

ويرد على الوجه الخامس: عدم ورود أىّ دليل شرعىّ يدلّ عليه.


(1) إذ لم ترد أىّ إشارة إلى ذلك من قريب أو بعيد في كتاب أو سنّة على رغم الابتلاء به.