المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

371

 

 

 

 

هل يستدعي القطع الموافقة الالتزاميّة كما يستدعي الموافقة العمليّة أو لا؟

تعرّض الأصحاب ـ قدّس الله تعالى أسرارهم ـ في المقام لمسألة الموافقة الالتزاميّة (وهي عمل اختيارىّ قلبىّ بمعنى عقد القلب وخضوع الجنان للحكم)، وذلك كمقدّمة لمعرفة ما إذا كان وجوب الموافقة الالتزاميّة مانعاً عن جريان الاُصول في أطراف العلم الإجمالىّ حينما لا يوجد مانع من ناحية المخالفة العمليّة، كما في موارد دوران الأمر بين المحذورين، وموارد إثبات الاُصول للتكليف الإلزامىّ مع العلم الإجمالىّ بخلافه، كما في مستصحبي النجاسة مع القطع بطهارة أحدهما.

فيقع الكلام في جهتين:

 

وجوب الالتزام

 

الجهة الاُولى: في تحقيق حال وجوب الموافقة الالتزاميّة وعدمه.

إنّ تصوير وجوب الموافقة الالتزاميّة يكون بأحد وجوه:

الوجه الأوّل: افتراض أنّ الحكم الشرعىّ موضوع لحكم العقل بانصياع القلب له بالالتزام والخضوع النفسىّ، كما هو موضوع لحكم العقل بوجوب الامتثال، فهما حكمان عقليّان عرضيّان. الثاني منهما ـ وهو وجوب الامتثال ـ مشروط عند الأصحاب القائلين بقاعدة قبح العقاب بلا بيان بالوصول، والأوّل منهما ـ وهو وجوب الالتزام ـ يمكن افتراض اشتراطه بالوصول أيضاً، أو افتراض عدم اشتراطه بذلك. والثاني منهما خاصّ بالتكاليف الإلزاميّة المتوجّهة إلى المكلّف، في حين أنّ الأوّل منهما يشمل الأحكام الترخيصيّة والأحكام المتوجّهة إلى شخص آخر، فعلى الرجال ـ مثلاً ـ أن يلتزموا قلباً بالأحكام الخاصّة بالنساء، وكذا العكس.

الوجه الثاني: ـ أيضاً ـ هو افتراض أنّ للعقل حكمين تجاه الحكم الشرعىّ، وهما: