المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

332

أحكام ما تعلّق به العلم، وأمّا إذا اشترطناه فيها، فلا تتمّ الحكومة فيما نحن فيه؛ لعدم قيام قرينة على النظر إلى أحكام القطع الموضوعىّ، ولا يصحّ جعل الإطلاق قرينة على ذلك.

وتوضيح ذلك: أنّ قول الشارع: «الأمارة علم» تارة يفرض بمعنى التنزيل منزلة العلم في الآثار، وعندئذ لا إشكال في استفادة الإطلاق من كلامه بلحاظ الآثار؛ إذ ترتّب الآثار مدلول مطابقىّ لكلامه، ويجري الإطلاق بلحاظ المدلول المطابقىّ، لكنّ هذا خلاف فرض جعل الطريقيّة.

واُخرى يفرض بمعنى اعتبار الأمارة علماً على نحو مجاز السكّاكىّ (وهذا هو المفروض في جعل الطريقيّة)؛ فإنّ المدلول المطابقىّ للكلام من اعتبار الأمارة علماً لا شكّ فيه كي يتمسّك بالإطلاق، وما فيه الشكّ من ترتّب آثار القطع الموضوعىّ وعدمه ليس مدلولاً مطابقيّاً للكلام، وإنّما يستفاد ترتّب الآثار بالنظر الذي صار منشأً لجعل الطريقيّة واعتبار الأمارة علماً، فهو تابع سعة وضيقاً لدائرة ذلك النظر، وهو ليس مدلولاً مطابقيّاً للكلام حتّى تثبت سعته بالإطلاق.

هذا في أمارة وردت في مورد كان للعلم فيه أثران: أثر القطع الطريقىّ، وأثر القطع الموضوعىّ، وأمّا في أمارة وردت في مورد لم يكن له إلّا أثر القطع الموضوعىّ، فيمكن أن يقال: إنّ النظر إلى أثر القطع الموضوعىّ لم يكن مدلولاً مطابقيّاً، لكنّه ملازم لما هو مدلول مطابقىّ، وهو اعتبار هذه الأمارة علماً؛ إذ لولاه لكان هذا الاعتبار لغواً، فنثبت هذا الاعتبار بالإطلاق، ويدلّ ذلك بالملازمة على ترتّب أثر القطع الموضوعىّ.

ولكنّ التحقيق: عدم تماميّة هذا الإطلاق؛ وذلك لأنّ كلّ إطلاق مقيّد ـ بتقييد لبّيّ كالمتّصل ـ بثبوت الأثر، وثبوت الأثر هنا موقوف على النظر، فلا يمكن إثبات النظر بنفس الإطلاق، ولا يمكن الاستدلال على ثبوت الأثر بالإطلاق؛ لأنّه تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة(1).

 


(1) والصحيح: أنّ أصل فرض كون الجعل والاعتبار موجباً لسريان الأثر الذي موضوعه هو الفرد الوجدانىّ إلى الفرد الاعتبارىّ غير صحيح ما لم يرجع إلى التنزيل، أو يفرض أنّ الموضوع من أوّل الأمر كان هو