المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

326

فنقول: أمّا بالنسبة إلى الاُصول، فنذكر هنا إجمالاً: أنّ المتعيّن فيها هو الحكم التكليفيّ إن لم نقل: إنّ ما ورد فيها ليس إلّا إرشاداً إلى أهمّيّة الحكم بنحو لا يرضى المولى بتركه عند الشكّ على فرض وجوده.

وتفصيل الكلام في ذلك يأتي في محلّه إن شاء الله.

وأمّا بالنسبة إلى الأمارات، فالمحقّق النائينىّ(رحمه الله) ذهب إلى أنّ المتعيّن فيها بحسب مقام الإثبات هو جعل الطريقيّة، وتبعه على ذلك السيّد الاُستاذ وغيره. وما استدلّ به(قدس سره) على ذلك يرجع في الحقيقة إلى مقدّمات ثلاث:

الاُولى: أنّ جعل الحجّيّة لا يعقل ثبوتاً إلّا بأحد وجهين: جعل الحكم التكليفىّ، وجعل الطريقيّة، على ما حقّقه(قدس سره) فيما مضى من البحث الأوّل.

الثانية: أنّ عمدة الدليل على حجّيّة أمارات الأحكام ـ أعني خبر الواحد والظهور ـ هي السيرة العقلائية؛ إذ ما عداها ممّا استدلّ به على حجّيّة خبر الواحد إن تمّ فإنّما هو مسوق مساق الإمضاء لطريقة العقلاء، فالعمدة هي السيرة الممضاة ولو بالسكوت وعدم الردع، ومن المعلوم أنّ المستفاد من إمضاء الشارع لسيرة العقلاء إنّما هو جعله لمثل ما جعلوا.

الثالثة: أنّ العقلاء بما هم عقلاء ليسوا مشرّعين وجاعلين للأحكام التكليفيّة، وليس من شأنهم البعث والزجر، وإنّما المعهود منهم هو جعل أحكام وضعيّة: كالملكيّة، والقضاء، والولاية، ونحو ذلك.

وبضمّ هذه المقدّمات بعضها إلى بعض يظهر أنّ المتعيّن فيما نحن فيه بحسب مقام الإثبات هو جعل الطريقيّة؛ وذلك لأنّ المجعول فيما نحن فيه للعقلاء هو الوضعىّ بحكم المقدّمة الثالثة، والحكم الوضعىّ منحصر هنا في جعل الطريقيّة بحكم المقدّمة الاُولى، فتحصّل: أنّ المجعول للعقلاء هو الطريقيّة، فيكون المجعول للشارع ـ أيضاً ـ الطريقيّة، كما ذكر في المقدّمة الثانية من مماثلة جعله لجعلهم. هذا أحسن ما يمكن أن يقال في توضيح مرام المحقّق النائينىّ(قدس سره).

أقول: إنّ المقدّمة الاُولى مضى تحقيقها في البحث الأوّل، كما أنّ الاستدلال على حجّيّة خبر الواحد بالسيرة يكون تحقيقه موكولاً إلى بحث حجّيّة خبر الواحد. وهنا نبني