المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

282

واُخرى يفترض شربه للمائع برجاء خمريّته بلا اعتماد على المؤمّن بحيث لولا المؤمّن لكان يشربه أيضاً، ولكنّه على أىّ حال عالم بكونه مأذوناً في عمله، وكون عمله مقترناً بالمعذّر. فأيضاً لا ينبغي الإشكال في أنّ عمله ليس تجرّياً منه؛ إذ لم يعمل إلّا ما علم بالإذن فيه. وإنّما الفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة: أنّ في هذه الصورة يثبت التجرّي في حقّه بحسب أمر نفسانىّ، وهو استقلال إرادته عن مولاه، وعدم اهتمامه بأحكامه، لكن هذا النوع من التجرّي لا يختصّ بفرض الشرب، بل يثبت بشأن من لا يعتني بحكم مولاه، ولا يهتمّ بكون فعله مخالفاً لحكم مولاه سواء صدر عنه في الخارج ما يحتمل كونه خلاف حكم المولى على رغم المؤمّن، أو لا. فإن قلنا بثبوت استحقاق العقاب على مثل هذا التجرّي، فهو ثابت حتّى مع فرض عدم شربه لهذا المائع، إذن فشربه لهذا المائع المشمول للمؤمّن ليست فيه على أىّ حال نكتة إضافيّة ـ على فرض عدم الشرب ـ توجب استحقاق العقاب(1).

الثاني: اشتهر بينهم الخلط بين الحسن والقبح ومبادئ الأحكام من المصالح والمفاسد

والحبّ والبغض، ومن هنا ذهب صاحب الفصول(رحمه الله) إلى القول بوقوع الكسر والانكسار بين جهة التجرّي وجهة الواقع، وتقديم ما هو غالب منهما؛ لثبوت المنافاة بينهما.

وأفاد المحقّق العراقىّ(قدس سره) وجهاً لدفع المنافاة بين قبح التجرّي والحكم الواقعىّ، وهو: أنّ التجرّي عنوان ينتزع من الفعل في رتبة الامتثال والعصيان المتأخّرة عن الجهة الواقعيّة. فجهة التجرّي مع الجهة الواقعيّة ليستا في رتبة واحدة حتّى تقع المنافاة بينهما.

وبنفس هذا الجواب أعني تعدّد الرتبة جمع(قدس سره) بين الحكم الظاهريّ والحكم الواقعىّ.

وسيأتي ـ إن شاء الله ـ في مبحث الجمع بين الحكم الظاهرىّ والواقعىّ ما في هذا


(1) نعم، لو شرب هذا المائع برجاء الحرمة لا بمجرّد رجاء الخمريّة، فلا يبعد أن يقال بكون هذا نوعاً من الهتك للمولى، فلا ينفعه المؤمّن في المقام.