المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

279

إنّ المحقّق النائينىّ(رحمه الله) نقل على ما في أجود التقريرات برهاناً عن السيّد الشيرازىّ الكبير(قدس سره) على استحقاق المتجرّي للعقاب مؤتلفاً من مقدّمات أربع، ولكن الاُوليين منها في الحقيقة غير مرتبطتين بما نحن فيه، وكلّ واحدة من الاُخريين لو تمّت لكانت وجهاً مستقلّاً لإثبات المطلوب. وهناك وجه آخر نقل في الرسائل وغيره، فهذه وجوه ثلاثة:

الأوّل: ما جعله في أجود التقريرات مقدّمة ثالثة لذاك البرهان، وهو: أنّ تمام الموضوع لحكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية هو العلم الثابت في فرض التجرّي ـ أيضاً ـ بلا دخل لفرض المصادفة للواقع في ذلك، وإلّا للزم سدّ باب حكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية نهائيّاً؛ إذ مصادفة القطع للواقع غير محرزة، فقد يصادف وربّما لا يصادف.

وأجاب المحقّق النائينىّ(رحمه الله) عن ذلك بأنّه صحيح أنّ العلم تمام الموضوع لحكم العقل بوجوب الطاعة وحرمة المعصية، ولكن الثابت في فرض التجرّي هو الجهل المركّب، وليس العلم.

أقول: ليس الكلام في تفسير كلمة (العلم)، وما هو المفهوم منه عرفاً كي يقال: إنّ الجهل المركّب علم، أو لا؟ وإنّما الكلام في أنّ أخذ المصادفة في موضوع حكم العقل معقول، أو غير معقول لعدم إحراز المصادفة؟ فلو تمّ القول بعدم معقوليّته، لزم كون الموضوع لحكم العقل هو الجامع بين العلم المطابق والجهل المركّب سواء سمّي الجهل المركّب علماً أو لا. والعمدة في ردّ هذا البرهان هي: إنّ مصادفة القطع محرزة بنفس القطع؛ فإنّ القاطع لا يحتمل خطأ قطعه، وإنّما يطرأ له هذا الاحتمال بالنسبة إلى قطع غيره، وبالنسبة إلى قطع نفسه ـ أيضاً ـ في غير حالة قطعه.

الثاني: ما جعله في أجود التقريرات مقدّمة رابعة لذاك البرهان، وهو: أنّ ما يوجب استحقاق العقاب هو القبح الفاعلىّ لا القبح الفعلىّ، وهو موجود في فرض التجرّي. والدليل على كون ملاك استحقاق العقاب هو القبح الفاعلىّ لا الفعلىّ: أنّه لو كان الملاك هو القبح الفعلىّ للزم ثبوت العقاب في موارد الجهل والشكّ؛ لأنّ القبح الفعلىّ للحرام لا يرتفع بالشكّ والجهل.

وأجاب المحقّق النائينىّ(رحمه الله) عن ذلك بأنّ ملاك استحقاق العقاب هو القبح الفاعلىّ