المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

278

أمّا بناءً على عدم كون حقّ الطاعة أمراً واقعيّاً يدركه العقل، بل هو حكم عقلائىّ ـ كما عليه مشهور الفلاسفة، والمحقّق الإصفهانىّ(رحمه الله)، وخلافاً لما عليه مشهور الاُصوليّين ـ فيشكل القول باستحقاق المتجرّي للعقاب؛ لأنّ المفروض أنّ استحقاقه للعقاب ليس ذاتيّاً، وإنّما هو بجعل الشارع، وجعل الشارع ليس بملاك التشفّي، وإنّما هو بملاك التحريك باعتبار أنّ غالبيّة الناس لا يعبدون الله بمجرّد جعل الحكم، ومن دون فرض خوف وطمع، فالله تعالى خلق الجنّة والنار، ووضع الثواب والعقاب تتميماً لتحريك العباد نحو الطاعة وترك المعصية.

والمتجرّي إذا كان الحكم قد تنجّز عليه بالقطع لا بغيره من المنجّزات، فلا فائدة بشأنه في جعل العقاب عليه؛ إذ هو لا يحتمل كونه متجرّياً، ويقطع بكونه عاصياً، ولا مجال لجعل عقاب آخر على الجامع بين العصيان والتجرّي؛ إذ يكفي عن هذا الجعل جعل ذاك العقاب على خصوص العاصي. ولا فرق بالنسبة إلى المولى بين هذا الجعل وجعل العقاب على الجامع، وبعد فرض عدم التشفّي في حقّه يختار المولى جعل العقاب على خصوص العاصي؛ لأنّ جعله على الجامع يستلزم أن يشوي لحم هذا المتجرّي في نار جهنّم بلا وجه.

هذا. مضافاً إلى أنّه لا دليل إثباتاً على استحقاق المتجرّي للعقاب بناءً على هذا المبنى.

وعلى أىّ حال، فقد ظهر أنّ الصحيح ـ على مبنانا من ذاتيّة الاستحقاق ـ: هو استحقاق المتجرّي للعقاب، بلا حاجة إلى ما تشبّثوا به من الوجوه لإثبات ذلك مع بطلانها في نفسها، وتلك الوجوه مايلي:

 


على أنّ القبح يتبع اعتقاد الفاعل ولو خطأً.

المبنى الرابع: افتراض أنّ حقّ الامتثال ليس إلّا حقّاً عقلائيّاً لا عقليّاً، وبالتالي استحقاق العقاب ليس أمراً واقعيّاً يكشف عنه العقل، بل أمر يثبت بجعل العقلاء، أو بجعل الشارع.

وعلى هذا، فلا يمكن إثبات الاستحقاق في مورد التجرّي ببرهان أو وجدان، فمن المحتمل اختصاص جعل العقاب بفرض المعصية، والاقتصار في رادعيّة العقاب بالنسبة إلى موارد التجرّي على وصول الحكم إليه ولو خطأً، بل لو كان الحكم إليه بالقطع لا بغيره من المنجّزات، فجعل العقاب على التجرّي لا توجد فيه رادعيّة إضافيّة، وبالتالي ربّما لايبقى داع لجعل العقاب كما هو مشروح في المتن.