المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

270

عدم قبح الفعل المتجرّى به (من أنّه لم يرد شرب مقطوع الحرمة) أخصّ من المدّعى؛ إذ قد يتّفق للشارب الشوق إلى شرب مقطوع الحرمة أيضاً.

الوجه الثاني: ما جعله المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) وجهاً غالبيّاً: وهو أنّ القاطع لا يلتفت غالباً إلّا إلى الواقع الذي قطع به، وأراده بعنوانه، أمّا عنوان كونه مقطوع الحرمة، فهو عنوان آلىّ، وغير ملتفت إليه غالباً، فكيف يكون موجباً للقبح؟!

وأورد المحقّق النائينىّ(رحمه الله) على ذلك النقض بالقطع الموضوعىّ؛ فإنّ المحقّق الخراسانىّ(قدس سره)يعترف بأنّ القطع قد يقع موضوعاً لحكم شرعىّ، في حين لو كان القطع ممّا لا يلتفت إليه، لما صحّ جعله موضوعاً لحكم شرعيّ؛ لأنّ الحكم على ما لا يلتفت إليه لا يمكن وصوله، فيلغو.

ويرد عليه: أنّ المحقّق الخراسانىّ لم ينكر عدم إمكانيّة الالتفات المستقلّ إلى القطع، فهو يعترف بإمكانيّة الالتفات الاستقلالىّ إليه؛ ولذا قيّد عدم الالتفات بقيد الغالب. ومقصوده(رحمه الله): أنّ القاطع يكون همّه وغرضه كامناً بحسب الغالب في المقطوع به، وعندئذ لا يلتفت غالباً إلى قطعه بالاستقلال، وإنّما يراه رؤية آليّة للوصول إلى المقطوع به. وأمّا إذا اُخذ القطع موضوعاً لحكم، فلا إشكال في أنّه حينما يلتفت إلى ذلك الحكم يلتفت إلى قطعه بالاستقلال؛ فإنّ هذا القطع ليس طريقاً إلى ما يريد امتثاله من الحكم كي لا يراه إلّا آليّاً، بل هو موضوع له، فيلتفت إليه استقلالاً.

ويرد على المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله):

أوّلاً: أنّ الالتفات الإجمالىّ الآلىّ كاف في اختياريّة الفعل. والقاطع إن لم يكن ملتفتاً بالاستقلال إلى قطعه، فلا إشكال في التفاته إليه آليّاً.

وثانياً: أنّ العنوان المدّعى قبحه في المقام ليس هو شرب مقطوع الخمريّة، كي يقال: إنّ هذا القطع طريقىّ لا يلتفت إليه غالباً بالاستقلال؛ لأنّ همّ القاطع وغرضه كامن في المقطوع به، وهو شرب الخمر، فلا يلتفت عادة إلى قطعه إلّا آليّاً، بل العنوان المدّعى قبحه هو شرب مقطوع الحرمة، وغرض الشارب ـ في غير فرض نادر ـ ليس متعلّقاً بشرب الحرام من حيث هو حرام حتّى يكون القطع طريقاً إلى غرضه، بل غرضه متعلّق بشرب