المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

187

والتحقيق في المقام: أنّه تارة يفرض أنّ مقصود الشيخ(قدس سره) من هذا التقسيم بيان أقسام مباحث الكتاب.

واُخرى يفرض أنّ مقصوده بيان أقسام موضوع الوظائف العمليّة:

أمّا على الأوّل: فيمكن حمل الشكّ في كلامه على ما يعمّ الظنّ غير المعتبر من دون أن يرد عليه إشكال التداخل؛ وذلك لأنّ الظنّ والشكّ وإن كانا قد يتصادقان في مورد واحد، ولكنّهما لايتداخلان من حيث العنوان، فالظنّ يبحث عنه في باب الظنّ من حيث أنّه هل هو معتبر، أو لا، وبعد فرض عدم اعتباره يدخل فيما يبحث عنه في باب الشكّ، وهو البحث عمّا هو الأصل الجاري في المقام ما دام المفروض عدم حجّيّته.

إلّا أنّ هذا الفرض لايناسب ما في عبارة الشيخ(رحمه الله) من الترديد حيث يقول: «إمّا أن يحصل له القطع، أو الظنّ، أو الشكّ»؛ فإنّ ظاهر ذلك عدم التصادق في المورد أيضاً، فالمناسب لتعبيره(قدس سره) هو الفرض الثاني.

وأمّا على الثاني: فيرد إشكال التداخل على كلام الشيخ(رحمه الله) ما لم يحمل الظنّ في كلامه على الظنّ المعتبر بإخراج الظنّ غير المعتبر من هذا العنوان، وإدخاله في العنوان الثالث، وهو الشكّ، ويشهد لهذا الحمل ما صنعه الشيخ(قدس سره) في أوّل البراءة حيث ذكر عين هذا التقسيم وقيّد الظنّ ـ على ما أتذكّر ـ بكونه معتبراً (1).

والإيراد الثاني: دعوى أنّ التثليث الذي جاء في عبارة الشيخ الأعظم(قدس سره) في غير محلّه، وينبغي تثنية الأقسام كما صنعه المحقّق الخراسانىّ(رحمه الله) بناءً منه على تعميم الحكم للواقعىّ والظاهرىّ، فالظنّ المعتبر على هذا يساوق القطع بالحكم، وغير المعتبر ملحق بالشكّ، فلا يبقى إلّا قسمان.

والجواب: أنّنا قد ذكرنا أنّ تقسيم الشيخ(رحمه الله): إمّا بلحاظ أقسام كتابه، أو بلحاظ أقسام موضوعات الوظائف العمليّة، فإن كان باللحاظ الأوّل، فالمتعيّن هو التثليث؛ لأنّ أبحاث كتابه ثلاثة لااثنان: (بحث القطع، وبحث الظنّ، وبحث الشكّ).

وإن كان بلحاظ الثاني فالمتعيّن ـ أيضاً ـ هو التثليث؛ فإنّ موضوعات الوظائف ثلاثة:


(1) الموجود في عبارة الشيخ(رحمه الله) في أوّل البراءة الإشارة إلى إمكانيّة اعتبار الظنّ، وعدم إمكانيّة اعتبار الشكّ، وحجّيّة القطع بنفسه، وهذا أقرب إلى ما مضى: من الحمل على الأحكام الذاتيّة للقطع والظنّ والشكّ ممّا ذكر هنا من الحمل على إخراج الظنّ غير المعتبر من العنوان الثاني، وإدخاله في العنوان الثالث.