المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

184

غير قادر على أن يخلق رجلاً أعلم منه، فيكفي في النقض أن يعلم الأعلم أو يحتمل أنّ الله لو خلق رجلاً أعلم منه وناقشه لعدله عن بعض فتاواه(1).

السادس: لو لم يكفِ مجرّد الفرض، قلنا: إنّ هذا الفرض واقع؛ فإنّ الإمام(عليه السلام) أعلم منه، فهو يعلم أو يحتمل أنّ الإمام(عليه السلام) لو ناقشه فنّيّاً في الرأي، لعدله عن رأيه.

والإنصاف: أنّ التأمّل في هذه النقوض يورث القطع بوجود جواب حلّىّ لأصل الإشكال؛ إذ مع تعميم الإشكال للأعلم ينسدّ باب الاجتهاد على الشيعة كما سدّ من قبل على غيرهم، وهذا ممّا يقطع بخلافه، فينبغي أن تفرض حجّيّة فتوى الأعلم لنفسه مسلّمة قبل الجواب الحلّىّ بحيث يصحّ أن يبحث عن نكتة الحجّيّة على شكل البحث الإنّي. وهذه النقوض جملة منها قابلة للنقاش، ولكن تكفي تماميّة بعضها(2).

وأمّا الثاني: وهو الحلّ، فحاصل الكلام في ذلك: أنّ استنباط غير الأعلم تارة يكون مورده ظهور الدليل اللفظي، كدعوى شمول دليل الاستصحاب للشكّ في المقتضي مثلاً.

واُخرى يكون مورده حكم العقل، كدعوى استحالة الترتّب، أو اجتماع الأمر والنهي، أو إمكانهما.

أمّا القسم الأوّل: وهو ما لو أحرز الظهور بشكل لايتردّد فيه إلّا من ناحية مخالفة


(1) ينبغي أن يكون النقض الخامس على وفق هذه المنهجة: هو العلم بأنّه سيأتي في المستقبل من هو أعلم منه، أو احتمال ذلك في أقلّ تقدير، ويكون النقض بالفرض نقضاً سادساً.

(2) لايخفى أنّ الإشكال في اعتماد غير الأعلم على فتاوى نفسه من دون مراجعة الأعلم يمكن بيانه بشكلين:

الأوّل: أن يقال: إنّ غير الأعلم إذا التفت إلى احتمال تبدّل رأيه على تقدير مناقشة الأعلم له في الرأي، عجز عن تحصيل الوثوق بما يرتئيه، وبالتالي يسقط رأيه ـ غير البالغ مستوى الوثوق والاطمئنان أو العلم ـ عن الحجّيّة، وعلى هذا التفسير قديفترض ورود أكثر النقوض السابقة.

الثاني: أن يقال: ـ بعد تسليم حجّيّة رأيه له في الجملة برغم احتمال طروّ التبدّل؛ وذلك لدلالة سيرة العقلاء أو المتشرّعة، أو أىّ دليل آخر على ذلك ـ إنّ حجّيّته مشروطة بالفحص بقدر الإمكان عمّا يعارض هذا الرأي. وهذا لايرد عليه أكثر تلك النقوض؛ فإنّ رجوع غير الأعلم إلى الأعلم في البحث لو قلنا بوجوبه عند الإمكان، لاينبغي نقضه بمثل فرض أعلميّة الميّت، أو أعلميّة الإمام(عليه السلام)، أو أعلميّته هو في المستقبل، أو إمكان أن يخلق الله تعالى رجلاً أعلم منه، أو ماشابه ذلك؛ إذ في هذه الفروض لايمكنه الفحص بالرجوع إلى الأعلم، والفحص إنّما يجب بقدر الإمكان، أمّا احتمال الأعلم تبدّل رأيه لو انتظر ساعة صفاء الذهن، أو ناقش غير الأعلم الذي قد يغلبه في الرأي ولو نادراً، فإن وصل إلى مستوى سلب الوثوق بعدم تبدّل الرأي بانتظار ساعة صفاء الذهن، أو المناقشة لغير الأعلم، فقد يقال بوجوب انتظار ساعة الصفاء، أو النقاش مع الإمكان.