المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

182

الأوّل: العلم الإجماليّ، ولكنّ العلم الإجماليّ ـ هنا ـ لم يتحقّق من أوّل الأمر إلّا بمقدار من المخصّص يمكن الحصول عليه بالفحص المستقلّ عن مراجعة الأعلم، إذا كان الفاحص من أهل الفنّ ومصداقاً لعنوان الخبير بالصناعة كما هو المفروض، فالعلم الإجماليّ لايقتضي أكثر من الفحص المستقلّ عن مراجعة الأعلم.

والثاني: اختصاص بناء العقلاء، أو سيرة المتشرّعة على حجّيّة العامّ الصادر عمّن يعتمد ـ دائماً ـ على المخصّصات والمقيّدات المنفصلة بما بعد الفحص. وهذا البناء يمكن دعوى اختصاصه بالفحص المستقلّ ـ أيضاً ـ لمن هو خبير بالصناعة، ولايبنون على الفحص أكثر من ذلك.

وأمّا في باب الاُصول، فالدليل على وجوب الفحص ـ أيضاً ـ أمران:

الأوّل: الإجماع، ومن المعلوم اختصاصه بالفحص المستقلّ، وعدم قيام الإجماع على ضرورة الفحص بمعنى الرجوع إلى الأعلم في البحث.

والثاني: أخبار (هلّا تعلّمت)، وهي ليست في مقام بيان المقدار الواجب من التعلّم، وإنّما هي في مقام بيان أصل وجوب التعلّم(1) فلاتدلّ على وجوب الفحص بهذا المقدار، كما يأتي توضيح ذلك في محلّه إن شاء الله(2).

وأمّا القسم الثاني: فالإشكال فيه أركز منه في القسم الأوّل، ولايتمّ الجواب عنه بما أجبنا به في القسم الأوّل، كما هو واضح.

وهنا نردّ الإشكال، تارة بالنقض، واُخرى بالحلّ:

أمّا الأوّل: فبالنقض بالأعلم؛ فإنّه ربّما يحصل له احتمال مثل الاحتمال الحاصل لغير


(1) الأوجه من هذا البيان: دعوى انصراف الأمر بالتعلّم إلى المقدار المتعارف من التعلّم، ويكفي فيه فحص الخبير بالفنّ فيما بيديه من الأدلّة، من دون حاجة إلى مراجعة الأعلم في بحث المسألة.

(2) لايخفى أنّه بناءً على الوجه الذي اخترناه في البحث السابق، وهو تكييف أصل التقليد: بأنّ الأحكام الواقعيّة والظاهريّة مشتركة من أوّل الأمر بين المجتهد والعامّىّ، لايبقى مجال للبحث هنا بهذا الاُسلوب، بل ينبغي أن يقال: إنّ الفحص لم يكن هو الشرط الحقيقي، وإنّما الشرط عدم معرضيّة البيان للمعارض أو الحاكم أو المقيّد أو المخصّص أو التكليف للوصول، فلوكان يحتمل احتمالاً معتدّاً به عقلائيّاً أنّ ذلك يصله بالبحث مع الأعلم، فلامحالة سقطت فتواه عن الحجّيّة. وأمّا النقوض: بمثل فرض أعلم يأتي مستقبلاً، أو فرض أعلم مات، أو فرض صيرورة الأعلم الحالي بعد عشر سنين أعلم منه الآن وأمثال ذلك، فلاتجعل المعارض أو الحاكم أو المقيّد أو بيان الحكم أو نحو ذلك في معرضيّة وصوله الآن، فكلّ أمثال هذه النقوض ساقطة.