المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

176

الاُصول الشرعيّة؛ فإنّ ذاك الحكم المماثل شرعىّ لاعقلىّ(1).

 


(1) ونحن نستذوق إعادة البحث هنا بعيداً عن النقاط التي أوجبت التشويش في الشكل الذي أوردناه في المتن، فنقول:

قال الشيخ الأعظم الأنصارىّ(رحمه الله) في أوّل فرائده:

«اعلم أنّ المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعىّ فإمّا أن يحصل له الشكّ فيه، أو القطع، أو الظنّ... ».

وعلّق على ذلك الشيخ الآخوند(رحمه الله) في أوّل تعليقه على كتاب فرائد الاُصول بقوله:

«مراده بالمكلّف: من وضع عليه القلم من البالغ العاقل لاخصوص من تنجّز عليه التكليف؛ وإلّا لما صحّ جعله مقسماً لما ذكر من الأقسام؛ إذ بينها من لم يكن عليه تكليف، أو لم ينجّز عليه... ».

وغيّر(رحمه الله) في كفايته في أوّل بحث القطع كلمة: «المكلّف» بكلمة: «الذي وضع عليه القلم»، ولعلّ كلامه في تعليقه على الفرائد يوضّح نكتة هذا التبديل في العبارة الوارد في الكفاية.

وعلى أيّ حال، فيمكن أن يكون المنظور له(رحمه الله) في تعليقته على الفرائد أحد أمرين:

الأوّل: أنّ كلمة (المكلّف) قد تنصرف ـ ولو بسبب ظهور المشتقّ في المتلبّس بالفعل ـ إلى من عليه التكليف الإلزامىّ ولو في الجملة، أو من تنجّز عليه تكليف مّا، أو من صار تكليف مّا فعليّاً عليه بمرتبة الفعليّة التامّة بحسب ما يراه(رحمه الله)من ثبوت المراتب للحكم ولفعليّته، في حين أنّ البالغ العاقل ربّما لايكون في أوّل بلوغه قد وجب عليه صوم أو صلاة أو أيّ واجب آخر، وهو ـ أيضاً ـ يتّصف بالشكّ أو الظنّ أو القطع، ويرجع إلى نفس وظائف الشكّ أو الظنّ أو القطع، فالأولى تغيير التعبير بــ «الذي وضع عليه القلم»؛ فإنّه أعمّ من أن يكون مكلّفاً بالفعل؛ وذلك إمّا بدعوى شمول مرحلة الجعل له بمجرّد البلوغ بناءً على كون التكليف ذا مراتب، وأوّلها مرتبة الجعل، وأنّ هذه المرتبة تنطبق على الإنسان من أوّل البلوغ، وإمّا بدعوى أنّ وضع القلم يشمل قلم الترخيص بناءً على أنّ الترخيص ـ أيضاً ـ أمر مجعول ويوضع بالقلم، والبالغ إن لم تشمله الواجبات شملته الترخيصات بلا إشكال.

فإن كان هذا هو المراد، فالجواب عنه واضح، وهو: أنّ البالغ لو لم تكن الواجبات فعليّة عليه في أوّل بلوغه، فلا إشكال في فعليّة المحرّمات عليه كشرب الخمر، فعنوان فعليّة التكليف في الجملة عليه ثابت بلا إشكال.

والثاني: أن يكون المقصود: أنّ عنوان «المكلّف إذا التفت إلى حكم شرعىّ» يعني: المكلّف بنفس الحكم الشرعىّ الذي التفت إليه، وأراد تعيين وظيفته بالنسبة إليه، في حين أنّ ذاك الحكم الشرعيّ ربّما لايكون تكليفاً عليه، بل يكون حكماً ترخيصيّاً، في حين أنّ الحكم الترخيصىّ ـ أيضاً ـ يعتبر وضعاً للقلم مثلاً.

وهذا ـ أيضاً ـ يكون جوابه واضحاً، وهو: أنّه لا نكتة لفرض انصراف هذا العنوان إلى فعليّة التكليف بالنسبة إلى نفس الحكم الشرعيّ الذي أراد تعيين وظيفته بشأنه، بل تعرف فعليّة التكليف به وعدمها بنفس تعيين الوظيفة بشأنه.

وعلى أيّ حال، فلايعدو هذا النقاش عن كونه نقاشاً لفظيّاً غير ذي أهمّية.

وإنّما المهمّ في المقام بحثان:

البحث الأوّل: راجع إلى غير البالغ والذي كان مميّزاً وقابلاً للتكليف وإن رفع عنه امتناناً، فهل ينبغي شمول حديثنا له، أو لامورد للحديث عنه؛ لأنّه على أيّ حال خارج عن قلم التكليف، فلا أثر للبحث عنه؟

الظاهر: أنّ الصحيح هو الأوّل؛ فإنّه حتّى لو كان في علم الله غير بالغ يمكن تصوير شكّه في التكليف، فهو بحاجة إلى تعيين الوظيفة بالقياس إلى المورد مادام أنّ نفي التكليف عنه لم يكن بنكتة عدم قابليّة الشخص