المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

173

ولكنّ الكلام في تماميّة ذلك إثباتاً؛ إذ ما كان من أدلّة حجّيّة الخبر بلسان (صدّق العادل)، أو (ليس لأحد التشكيك فيما يرويه ثقاتنا) ونحو ذلك ممّا ينظر إلى مرحلة العمل؛ لأنّ القطع والشكّ ليسا اختياريّين، فالمقصود هو التصديق والتشكيك العمليّان، أقول: ما كان من الأدلّة بلسان ترتيب الأثر العملىّ، إنّما يدلّ على جعل العلم واعتباره في خصوص المعلوم الذي له أثر عملىّ، فلابدّ من افتراض أثر عملىّ للمعلوم؛ كي يثبت العلم الاعتبارىّ به، ويترتّب بالتالي أثر العلم أيضاً.

أمّا لو لم يكن للمعلوم أثر عملىّ، وكان الأثر خاصّاً بالعلم، فلايشمله الدليل.

نعم، لو ورد مثلاً: (إن أخبرك الثقة، فأنت عالم اعتباراً) كان ذلك شاملاً لفرض ترتّب الأثر على العلم وإن لم يترتّب أثر المعلوم.

المقام الثالث: في أنّ الأحكام الظاهريّة هل تشمل العامّىّ بنفس أدلّتها بلا نظر إلى دليل التقليد، أو لا؟

والإشكال في ذلك كان تارة من ناحية أنّ القطع والظنّ والشكّ بخصوصيّاتها المخصوصة المترتّب عليها الحكم الظاهرىّ لاتحصل للعامّيّ إلّا نادراً.

واُخرى من ناحية أنّ الفحص إنّما يتمكّن منه المجتهد دون العامّىّ إلّا نادراً.

والإشكال من الناحية الاُولى لايمكن الجواب عنه؛ فإنّ نفس القطع والشكّ والظنّ بتلك الخصوصيّات موضوعة للحكم، وهي لاتحصل للعامّىّ(1).

وأمّا الإشكال من الناحية الثانية، وهي الفحص، فبالنسبة إلى الاُصول ـ أيضاً ـ لاعلاج له؛ لأنّها مشروطة بنفس الفحص(2)، والمفروض عجز العامّىّ عن الفحص.

وأمّا بالنسبة إلى الأمارات: فإن قلنا: إنّ حجّيّتها مشروطة بنفس الفحص عمّا بأيدينا من الأخبار، فأيضاً لاعلاج له مادام لم يتمّ الفحص من قبل العامّىّ.


(1) لو آمنّا في باب الاستصحاب بما احتمله المحقّق الخراسانىّ: من أنّ اليقين السابق إنّما اُخذ طريقاً إلى أن يكون الاستصحاب حكماً بقائيّاً، ونحن نؤمن بذلك، أمكن أن يقال في المقام: إنّ اليقين السابق للفقيه كاف لإفتائه للعامّىّ بالاستصحاب في الشبهات الحكميّة. وأمّا الشكّ، فهو حاصل للعامّىّ، وأمّا الظنّ، فليس هو بوجوده الموضوعىّ في النفس موضوعاً للحكم الظاهرىّ، وإنّما موضوع الحجّيّة هوالأمارة التي تكون في معرض الوصول، وهي أمر واقعيّ.

(2) بل بعدم الحاكم في معرض الوصول، وهذا أمر واقعيّ.