المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الأوّل

171

إلّا أنّ هذا الارتكاز لم يعلم كونه مأخوذاً من مدرك صحيح؛ كي يكون حجّة، بل هو ناشئ من عدم الالتفات إلى هذه المطالب.

وقد تلخّص من كلّ ما ذكرناه: أنّ عمليّة الإفتاء والتقليد في غير موارد قطع الفقيه بالحكم الواقعيّ، يمكن تفسيرها بأحد مسالك أربعة:

الأوّل: ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ تحقيقه في المقام الثالث من شمول الأحكام الظاهريّة بنفس أدلّتها للعامّىّ، فيفتيه المجتهد بها.

والثاني: ما مضى في المقام الأوّل من دعوى أنّ المجتهد يصبح ببركة الحكم الظاهريّ عالماً اعتباراً بالحكم الواقعىّ للعامّىّ، فيفتيه به.

والثالث: ما ذكرناه في هذا المقام من مسلك التنزيل.

والرابع: ما ذكرناه في هذا المقام من المسلك المتوسّط بين الأوّلين والثالث.

فلو ثبتت صحّة المسلك الأوّل فيما يأتي من بحث المقام الثالث، لم تصل النوبة إلى المسالك الاُخرى، وإلّا وصلت النوبة إلى تلك المسالك، وعندئذ نقول: إنّ المسلك الثاني قد مضى إبطاله، وأمّا المسلك الثالث، فيتوقّف على أمرين:

الأوّل: أن نمتلك دليلاً على التقليد غير سيرة العقلاء؛ لما مضى من أنّ سيرة العقلاء لم تقم على تنزيل حالات العالم منزلة ثبوتها للجاهل.

وهذا ثابت في المقام؛ فإنّ دليل التقليد غير منحصر بسيرة العقلاء.

والثاني: أن لايمكن الأخذ بمفاد دليل التقليد من دون الالتزام بمؤونة زائدة، وهي مؤونة التنزيل، فتثبت تلك المؤونة بدلالة الاقتضاء.

إذن فمادمنا نمتلك المسلك الرابع لاتصل النوبة إلى المسلك الثالث؛ لأنّ الرابع خال عن المؤونة الزائدة.